القاهرة 12 ديسمبر 2016 (شينخوا) أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم (الإثنين) عن هوية منفذ التفجير الذي استهدف الأحد الكنيسة البطرسية في القاهرة وأوقع 24 قتيلا، لافتا إلى توقيف أربعة مشتبه بهم بينهم امرأة.
وقتل 24 شخصا، وأصيب 49 آخرون في تفجير استهدف الأحد الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية، مقر بابا الأقباط، في منطقة العباسية بالقاهرة.
وقال السيسي في كلمة مقتضبة عقب تشييع جثامين ضحايا الهجوم في جنازة رسمية بثها التلفزيون الرسمي، إن منفذ التفجير شاب يدعى محمود شفيق محمد مصطفى (22 عاما)، فجر نفسه بحزام ناسف داخل الكنيسة.
وأشار إلى أن الشرطة أمضت الليل في جمع أشلاء مرتكب الحادث، والعمل على كشف هويته.
وأوضح أن قوات الأمن ألقت القبض على ثلاثة رجال وسيدة من المشتبه بهم، وتبحث عن شخصين آخرين.
وتعهد السيسي مجددا بالثأر للضحايا، قائلا "أعزي كل المصريين وليس المسيحيين فقط.. ولن نترك ثأرنا حتى بعد القبض على الجناة في هذا الحادث".
واعتبر هذا الحادث دليلا على إحباط من يقف وراء مرتكبيه بسبب نجاح قوات الأمن في مكافحة الإرهاب بسيناء.
وقال في هذا السياق "أنتم لا تعلمون حجم النجاح الذي تحقق في سيناء.. إنه كبير جدا.. وما حدث أمس ضربة إحباط من قوى الشر، ولن يستطيعوا أبدا إحباطنا طالما ظللنا مع بعض كتلة واحدة، سننتصر لأننا أهل بناء وإصلاح لا تدمير وإفساد".
وينفذ الجيش المصري بالتعاون مع قوات الشرطة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو من العام 2013 حملات ومداهمات ضد تنظيمات مسلحة في شمال سيناء تشن هجمات من حين لاخر ضد رجال الأمن في سيناء والقاهرة ومحافظات أخرى.
وأردف السيسي قائلا "إن هذه القوى بعد أن فشلت في إثارة الشعب عن طريق تحريضه ضد الأوضاع الاقتصادية، حاولت هدم السياحة لإثارة الناس لكنها لم تفلح كذلك، وتستهدف الآن الأقباط من جديد بعد أن اعتدت في الماضي القريب على 75 كنيسة".
وأبدى ثقته الكاملة في أن قوى الإرهاب لن تفلح هذه المرة أيضا، ولن تفلح أبدا لأن المصريين جسد واحد وما يؤلم أي مصري يؤلم الجميع قيادة وشعبا.
ووصف الحادث بأنه "ضربة أوجعتنا وسببت ألما كبيرا لنا، لكنها أبدا لن تكسرنا، وسننجح في القضاء على الإرهاب".
وطالب الرئيس المصري البرلمان والحكومة بالتحرك السريع لإصدار قوانين تعالج مسألة الإرهاب بشكل حاسم، وتعديل أية قوانين مكبِّلة بما يضمن الجزاء الرادع لكل من يستهدف أمن المصريين.
وكان الرئيس المصري قد عقد في وقت سابق اليوم قبيل مشاركته في الجنازة، اجتماعا حضره رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزيرا الدفاع والداخلية، ومدير إدارة المخابرات الحربية ورئيسا هيئة الأمن القومي وجهاز الأمن الوطني، لمتابعة الموقف الأمني في ضوء الحادث الإرهابي الغاشم الذي استهدف الكنيسة البطرسية، حسب بيان للرئاسة المصرية.
وتلقى السيسي خلال الاجتماع تقريرا حول ملابسات الحادث الإرهابي، وما توصلت إليه الأجهزة الأمنية من أدلة من واقع معاينة موقع الحادث، وما تقوم به من جهود في سبيل الوصول إلى مرتكبيه.
كما تم خلال الاجتماع استعراض آخر المستجدات على صعيد تطور الأوضاع الأمنية في البلاد، حيث اطلع السيسي على تقرير حول الإجراءات التي تقوم بها قوات الجيش والشرطة لمكافحة العناصر الإرهابية في مختلف أنحاء البلاد وترسيخ الأمن والاستقرار فيها.
وشدد السيسي خلال الاجتماع على أن مصر عازمة على القصاص لضحاياها الأبرياء، مؤكدا أن العمليات الإرهابية لن تزيد المصريين إلا إصرارا على اجتثاث جذوره.
ووجه الرئيس المصري جميع الأجهزة الأمنية بأهمية استمرار العمل بأقصى درجات الحذر واليقظة والاستعداد القتالي بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين.
وإثر الاجتماع تقدم السيسي وكبار رجالات الدولة وبابا الأقباط تواضروس الثاني جنازة رسمية لتشييع الضحايا من أمام النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر شرقي القاهرة.
وخلال صلاة الجنازة، التي ترأسها البابا تواضروس الثاني صباح اليوم، قال إن "الحزن على شهداء حادث الكنيسة يتقاسمه كل المصريين.. إنه مصاب مصر كلها، وليس الكنيسة الأرثوذكسية فقط".
وأضاف البابا أن "مصر الحبيبة تتعرض لأفعال إرهابية يذهب ضحيتها شهداء في كل مجال من الجيش والشرطة والقضاء وغيرهم، ومن يقوم بتلك الأفعال عقابه شديد أمام الله".
ووجه حديثه للجناة، قائلا "أيها المدمر لن تعرف راحة ضمير ولا راحة قلب، ماذا تستطيع أن تقول لله لتبرر القتل وإيلام وطن بأكمله، الألم الذي تركته في قلوبنا جميعا سوف يحل عليك وسوف تعيش في الهلاك، وترى أن ما فعلته يدك الملوثة بالدماء سينعكس عليك".
وتابع "ربنا يحفظ مصر ويحفظ كل المصريين، وأهم شيء الوحدة الوطنية التي يستند عليها الشعب المصرى، ونصلى من أجل المصابين".
وأردف البابا تواضروس قائلا "نحن كمصريين، مسلمين ومسيحيين، في وحدة كاملة، ودائما المحن تزيدنا صلابة وارتباطا ومسؤولية، ومواجهة هذا العنف الذي لم يعتد عليه المصريون أبدا".
وفي مسعى لمواجهة مثل هذه الهجمات على الصعيد القانوني والأمني، قال رئيس مجلس الشعب المصري (البرلمان) علي عبد العال خلال جلسة اليوم إن المجلس "عاقد العزم على مواجهة الإرهاب بالتدابير والتشريعات اللازمة حتى لو تتطلب الأمر تعديل الدستور، بما يسمح للقضاء العسكري بنظر جرائم الإرهاب بصفته الأصيلة".
وكلف عبد العال لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان بدراسة قوانين الإجراءات الجنائية، وتنظيم الطعن أمام محكمة النقض، وقانون الإرهاب والقوانين المتعلقة، وتقديم تقريرها بتعديل هذه القوانين بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة، خلال أسبوع واحد.
في غضون ذلك، وضعت وزارة الداخلية خطة لتكثيف الإجراءات الأمنية بمحيط كافة الكنائس.
ونقلت وكالة أنباء (الشرق الأوسط) الرسمية المصرية عن مصدر أمني مسؤول قوله، إن كافة مديريات الأمن تلقت تعليمات مشددة بتشديد الحراسة على كافة المنشآت الحيوية في البلاد، خاصة الكنائس، البالغ عددها 2626 كنيسة على مستوى الجمهورية، هي 1326 كنيسة أرثوذكسية، و1100 كنيسة بروتستانتية و200 كنيسة كاثوليكية.
وأضاف المصدر أن هناك توجيهات بقيام خبراء المفرقعات بتعقيم وتمشيط كافة الكنائس بشكل دورى، خاصة مع اقتراب احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، مع تفعيل الكاميرات المثبتة علي أسوار الكنائس، وتوفير بوابات إلكترونية كاشفة للمعادن على مداخلها، وتعزيز التواجد الأمني في محيطها.
ولم تعلن أي جهة حتى الآن رسميا مسؤوليتها عن الهجوم الأخير.
فيما قال مصدر بقطاع الأمن الوطني، إن الانتحاري الذي فجر نفسه بالكنيسة البطرسية "كان من بين المشاركين في اعتصام رابعة العدوية الذي نظمه تنظيم الإخوان الإرهابي" للمطالبة بعودة مرسي للحكم، حسب الوكالة الرسمية المصرية.
وأوضح المصدر أن المتهمين الأربعة الذين تم القبض عليهم على خلفية الحادث، هم علا حسين محمد، ربة منزل، وزوجها محمد عبدالحميد، محاسب في بنك، وزوج شقيقتها شريف يحيي السيد، وجميعهم من محافظة الفيوم ويقطنون مدينة نصر بالقاهرة.
وأضاف أن المتهم الرابع هو أحمد حمزة أحمد عبدالعزيز أحد أصدقاء المتهم الثالث، وتم إلقاء القبض عليه بمنطقة المطرية في القاهرة.