وصل أهالي بلدتي كفريا والفوعة إلى حلب.(شينخوا/رويترز)
حلب ـ سوريا 20 ديسمبر 2016 (شينخوا) على الرغم من أن مغادرة البيوت بشكل قسري هي تجربة غير سارة للغاية بالنسبة لمعظم الناس، ولكن في حالة الحرب، والحصار الصعبة التي يعيشها أهالي بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين والمحاصرتين من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة ، بريف إدلب ( شمال غرب سوريا )، وترك منازلهم باتت يشكل لهم مصدرا للارتياح..
لقد شعر أهالي بلدتي الفوعة وكفريا التي خضعت لحصار لأكثر من عامين من قبل مقاتلي ( جيش الفتح ) الذي يضم عدة فصائل إسلامية متشددة من بينها تنظيم ( جبهة النصرة) ، أن مركز الإقامة المؤقتة في جبرين بجنوب حلب ، التي يعيش بها حاليا غالبية أهالي سكان الأحياء الشرقية الذين فروا من ظلم المسلحين ، مكانا آمنا يحقق لهم شيئا من الاستقرار والراحة .
وكان هؤلاء الناس في تلك البلدتين الشيعيتين تخضعان لحصار خانق وقصف مكثف بالصواريخ وقذائف الهاون، لكونهما يؤيدان الحكومة السورية ، وينتمون للطائفة التي ينتمي اليها الرئيس السوري بشار الأسد ، فدفعت ثمنا باهضا من الحصار والقتل والدمار، طوال عامين .
مع هذا التوتر الطائفي، قام مقاتلو المعارضة المسلحة في إدلب بتدمير البنى التحتية للمدن التي يقطنها هؤلاء الناس الموالين للحكومة السورية ، ومنعوا دخول المساعدات، الأمر الذي دفع الحكومة السورية لإسقاط المواد الغذائية والضروريات الأساسية، التي يحتاجونها بالطائرات، ولكنها لم تكن كافية، ولم تنجح في تغيير واقعهم المأساوي .
وقد وجد هؤلاء الناس في الآونة الأخيرة، أدرج اجلائهم في الصفقة الأخيرة ، التي تضم أيضا إجلاء المسلحين وأسرهم من الجزء الشرقي من مدينة حلب ( شمال سوريا ) فرصة للتخلص من الحصار والانتقال إلى مكان آمن يتلقون العلاج المناسب .
وفي بلدة جبرين جنوب حلب، تم وضع حوالي 700 شخص من الذين تم إجلاؤهم من المدن الشيعية بريف إدلب بموجب الاتفاق الروسي التركي ، بعد معاناة شاقة ، محفوفة بالمخاطر.
وقالت صادقة، وهي أم لأربعة أطفال من بلدة الفوعة إنها كانت سعيدة لأنها تركت منزلها، معربا في الوقت ذاته أنها ليست نادمة أو حزينة لأنها تركت بلدتها ، تحت وطأة الحصار الخانق .
وأضافت "كان وضعنا صعبا للغاية، مع استمرار سقوط قذائف هاون علينا ، فضلا عن نقص الغذاء والأدوية ، لقد عانينا من نقص شديد في كل شيء تقريبا ".
وروت صادقة التي وصلت إلى مركز الإقامة المؤقتة في جبرين ، وكيف أن الجرحى والمرضى اثناء زيارتهم للمستشفى لا يجدون شيئا .
وتابعت تقول "ماذا يمكنني أن أقول أكثر من ذلك ... أتمنى للجميع في بلدتي الحصول على فرصة لمغادرة البلاد... هنا الوضع أفضل بكثير مما كانت عليه في بلدتها ".
وروى ساجد، وهو زوجها، المأساة التي كان يعيشها أهالي بلدتي كفريا والفوعة .
وأضاف أن " الحياة في بلدة الفوعة لا تطاق ولا تحتمل ... الناس هناك يعانون كثيرا. وتجد الكثير من الناس الذين يعيشون في منازل بدون نوافذ، وبدون أبواب... إضافة لذلك تجد بعض الناس الذين ليس لديهم حذاء، أو جوارب، أو حتى أي شيء يوضع بأرجلهم ".
وتابع يقول "أنا سعيد لأنني تركت الفوعة لأن الحياة هناك سيئة للغاية."
وبدورها قالت زينب، وهي أم لفتاة واحدة وقريبة من ساجد إنها ليست حزينة لتركتها المنزل، ولكن حزينة لأنها اضطرت لترك والديها المرضى وحدهما .
وأضافت "كانت حياتنا هناك صعبة جدا ، وأنا لا أتمنى لأي شخص أن يعيش تلك اللحظات الصعبة ، وأتمنى للشعب هناك الخلاص السريع ".
المئات من الأهالي والأسر التي خرجت من كفريا والفوعة تحمل بداخلها الكثير من المآسي والهموم ، تلخص سنتين من الحصار من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة التي أرادت ان تنتقم من الحكومة السورية عبر هاتين البلدتين الشيعيتين خلال الأزمة التي عصفت بسوريا .
ومن المتوقع أن يترك المزيد من الناس بيوتهم ، بالتزامن مع إجلاء المسلحين من شرق حلب، لكن أعداد الذين تم اجلاؤهم لم يعلن رسميا .
كما تحدث البعض عن رحلتهم التي كانت محفوفة بالمخاطر لاسيما وأن مقاتلي المعارضة المسلحة قامت بإحراق اكثر من 20 حافلة كانت مخصصة لنقل هؤلاء المدنيين من تلك البلدتين إلى حلب .
وقالوا " كنا نعيش لحظات صعبة ، وكنا نتوقع الموت بأي لحظة ..لكن عبرت الحافلات بسلام ووصلنا إلى حلب " .
واستؤنفت الاثنين الماضي عمليات الإجلاء عقب ساعات من الانتظار ، حيث غادر عدد من الحافلات تقل مئات الأشخاص تم إجلاؤهم من بلدتي الفوعة وكفريا بريف ادلب بالتوازي مع إجلاء المئات من شرق حلب الى ريفها الغربي.
ودخلت الأحد الماضي ، حافلات إلى أحياء عدة من حلب الشرقية لنقل من تبقى من المقاتلين المسلحين وعائلاتهم الى ريف حلب الجنوبي بالتزامن مع وصول حافلات الى البلدتين اللتين تحاصرهما المعارضة المسلحة بريف ادلب لاستكمال عملية الاجلاء بموجب اتفاق جديد الذي تم التوصل اليه منذ يومين.
الا ان بعض الحافلات المخصصة لإجلاء المدنيين تعرضت قبل دخولها إلى كفريا والفوعة للاحتراق وسط تبادل التهم بين النظام والمعارضة بالمسؤولية عن ذلك.
وتؤكد احصائيات رسمية سورية أنه تم إجلاء ما يقارب 11500 شخص مع عائلاتهم من داخل الأحياء التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة في شرق حلب منذ بدء العملية حتى يوم الاثنين.
وتم التوصل ، يوم السبت ، لاتفاق جديد بهدف استكمال عمليات اجلاء المدنيين والمسلحين من شرق حلب.
ويشمل الاتفاق إجلاء المصابين من قريتي الفوعة وكفريا مقابل إجلاء المصابين من بلدتي مضايا والزبداني اللتين تحاصرهما قوات النظام قرب الحدود اللبنانية والإخلاء الكامل لشرق حلب الواقع تحت سيطرة المعارضة.
ويأتي استمرار عملية اجلاء المسلحين مع عائلاتهم من حلب بعد أن صوت مجلس الأمن الدولي الاثنين على قرار بإرسال مراقبين دوليين الى حلب .