رام الله 23 ديسمبر 2016 (شينخوا) يرى مراقبون فلسطينيون أن تأجيل التصويت على مشروع قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي شكل "خيبة أمل" لدى القيادة الفلسطينية خصوصا في ظل رهانها على قدرتها هذه المرة على تمرير القرار.
وكان مقررا أن يتم التصويت على مشروع القرار الذي يدين البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس ويطالب بوقفه أمس (الخميس) إلا أنه تم إرجائه في اللحظات الأخيرة لأجل غير مسمى بطلب من مصر ممثلة المجموعة العربية في مجلس الأمن.
وأعلن مندوب فلسطين وسفيرها في مصر جمال الشوبكي لوكالة أنباء (شينخوا)، أن قرار مصر بتأجيل التصويت جاء لإجراء المزيد من التشاور بين أعضاء المجموعة العربية، مع إشارته إلى أن الموقف الفلسطيني كان يؤكد ضرورة أن يقدم مشروع القرار للتصويت بموعده.
واستبعد الشوبكي حدوث اي توتر في العلاقة بين القيادتين الفلسطينية والمصرية بسبب التأجيل، مشيرا إلى أن الجانبين يجريان تنسيق على أعلى المستويات.
الا ان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اليساري تيسير خالد، أكد أن الرأي العام الفلسطيني "أصيب بخيبة أمل" بسبب قرار تأجيل التصويت على مشروع القرار ضد الاستيطان.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي من رام الله أحمد رفيق عوض في أن تأجيل التصويت على مشروع القرار "شكل خيبة فلسطينية شديدة خصوصا في ظل الرهان الفلسطيني على أن إدارة الرئيس الأمريكي بارك أوباما لن تستخدم حق النقض الفيتو ضده".
ويشير عوض في تصريحات ل(شينخوا)، إلى أن التصويت على مشروع القرار ضد الاستيطان وتمريره في مجلس الأمن "يعني الكثير بالنسبة للفلسطينيين ويؤسس لنضال دبلوماسي مهم خاصة أنهم لا يجدون أدوات في مواجهة الاستيطان سوى الهيئات الدولية".
وتوقع عوض "من الواضح أنه مورست ضغوط إسرائيلية وأخرى من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على مصر لكن كان يمكن أن يتم الطلب مقابل تأجيل التصويت أمرا للفلسطينيين حتى لا يصبح التأجيل وكأنه مجانيا".
ويشدد عوض على أن "المهم الآن بالنسبة للفلسطينيين هو طرح مشروع القرار للتصويت في مجلس الأمن قبل مغادرة إدارة أوباما وإلا فإن الفيتو سيكون جاهزا من إدارة ترامب عندما تتسلم مهامها رسميا".
وأشار عوض إلى أن الفلسطنيين كان لديهم مؤشرات على نية الولايات المتحدة الامتناع عن التصويت على مشروع القرار وعدم استخدام حق النقض الفيتو.
وقال مسئول فلسطيني إن السلطة الفلسطينية قد تتوجه إلى دول أخرى أعضاء في مجلس الأمن لدفع مشروع القرار ضد الاستيطان في مجلس الأمن للتصويت.
ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسة لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين في العام 2014.
ويلاحظ أن الفلسطينيين يركزون مساعيهم منذ عدة سنوات لحشد أكبر موقف دولي مناهض للبناء الاستيطاني أملا في الضغط على إسرائيل لوقفه.
ويبرر الكاتب والمحلل السياسي من رام الله هاني المصري ذلك بأن الاستيطان "يمثل الخطر الأكبر المباشر" على حل الدولتين المنشود فلسطينيا ومدعوم دوليا لتحقيق السلام وحل القضية الفلسطينية.
ويشدد المصري في تصريحات ل(شينخوا)، على أنه لا خلاف على أن استمرار الاستيطان الإسرائيلي بوتيرته الحالية يجعل من رؤية حل الدولتين أمر لا جدوى منها ويمهد ربما لضم إسرائيل للضفة الغربية كليا التي بات يقطنها أكثر من 800 ألف مستوطن.
ويشير إلى أن التمدد الاستيطاني الحاصل والمستمر دفع بحصار الفلسطينيين في ما يشبه الكانتونات المعزولة في الضفة الغربية التي تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على نحو 60 في المائة من مساحتها الإجمالية أمنيا وإداريا.
ويرى المصري أن إسرائيل "تجد نفسها حاليا أمام فرصة تاريخية لاستكمال مشروعها الاستعماري الاستيطاني وتكريس احتلالها لا إنهائه عبر تقويض كافة فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة استغلالا لما يجري في المنطقة العربية من صراعات وانقسام".
وحسب إحصائيات رسمية فلسطينية فإن عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية التي يريد الفلسطينيون أن تكون عاصمة لدولتهم العتيدة يزيد حاليا عن 482 موقعا.
وترفض إسرائيل أي مطالب فلسطينية لوقف البناء في تلك المواقع الاستيطانية وتطالب بالاحتفاظ بالكتل الكبرى منها.
ويعتبر المحلل السياسي سميح شبيب أن القيادة الفلسطينية لن تتخلي عن مساعيها في حشد المواقف الدولية المناهضة للاستيطان والمطالبة بوقفه وعبر التنسيق مع الدول العربية خصوصا مصر رغم ما حصل أمس في مجلس الأمن.
ويقول شبيب ل(شينخوا)، إن مسألة انتزاع قرار من مجلس الأمن بشأن عدم مشروعية الاستيطان، هو أمر مهم للغاية بالنسبة للفلسطينيين باعتبار أن معركتهم ضد الاستيطان هي معركة سياسية بالأساس، وهي معركة وجودية تتعلق بكيانهم السياسي ومستقبلهم كشعب ووجود.
ويضيف إن "المعركة الفلسطينية ضد الاستيطان ستتواصل وتستمر بكل الأشكال، ولعل الجهد السياسي والدبلوماسي الذي سيبذل في كافة الهيئات الدولية خاصة مجلس الأمن بما في ذلك دعوة إدارة أوباما لعدم استخدام الفيتو هو جزء مهم من تلك المعركة".