واشنطن 29 إبريل 2017 (شينخوا) في أول 100 يوم له في المنصب، كانت السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب صارمة، لكنها تفتقر إلى وجود إستراتيجية شاملة، هكذا رأى خبراء أمريكيون.
وقال خبراء إن انتخاب ترامب يمثل عهدا جديدا للسياسة الخارجية الأمريكية، نظرا لأنه أكثر استعدادا لاستخدام القوة العسكرية وقصف الخصوم.
وهاجم النقاد باراك أوباما سلف ترامب، حيث وصفوه بأنه مفكر في برج عاجي وكان مشلولا بسبب الخوف من التصعيد في بعض المناطق، وبالتالي لم يتخذ أي إجراء حقيقي بشأن مسائل السياسة الخارجية الملحة.
وعلى النقيض من ذلك، أظهر ترامب أنه يقضي وقتا أقل في المداولات، وهو أسرع في اتخاذ إجراءات في بعض المجالات.
ومنذ توليه مهام منصبه في 20 يناير الماضي، اتخذ ترامب مواقفا قوية بشأن كل من سوريا وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، الأمر الذي رأى خبراء بأنه انقطاع عن نهج أكثر دبلوماسية كانت تتبعه الإدارة السابقة تجاه السياسة الخارجية.
في الواقع، في وقت سابق من هذا الشهر، أمر ترامب بشن ضربة صاروخية مفاجئة ضد سوريا لإرسال تحذير للحكومة السورية بعد تقارير عن وقوع هجوم بأسلحة كيماوية.
كما أمر الجيش الأمريكي بإسقاط "أم القنابل" -- وهي أقوى قنبلة غير نووية -- في أفغانستان، في مسعى لإرسال رسالة تفيد بأنه يعني ما يقول.
في الوقت نفسه، أعلن ترامب نهاية ما يسمى بسياسة "الصبر الإستراتيجي" حيال البرامج النووية والصاروخية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، مع وضع كافة الخيارات، بما في ذلك توجيه ضربة عسكرية، على الطاولة. حتى أنه أمر مجموعة ضاربة أمريكية تضم حاملة طائرات بالتوجه إلى المياه الواقعة بالقرب من شبه الجزيرة الكورية.
وقال مايكل أوهانلون، وهو زميل بارز في معهد بروكينغز، لوكالة أنباء ((شينخوا))، "أعتقد أن الأزمات تدار بطريقة جيدة حتى الآن".
-- الابتعاد عن الهدف فيما يتعلق بسوريا وتنظيم "داعش"
في الوقت الذي قال فيه بعض الخبراء إن ترامب يحرز تقدما جيدا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية بشكل عام، قال آخرون إن تحركاته الأخيرة في سوريا أتت بنتائج عكسية، وأضرت بمصالح الولايات المتحدة.
وقال واين وايت، النائب السابق لمدير مكتب الاستخبارات لمنطقة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "ضربة ترامب الصاروخية المضادة للأسلحة الكيماوية ضد القوات (الحكومية) السورية تسببت في مضاعفة القوات السورية قصفها بالأسلحة التقليدية للمتمردين المدعومين من الولايات المتحدة في مناطق لا يتواجد فيها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا".
وفيما يخص الحرب ضد "داعش"، أفاد وايت أن إدارة ترامب لا يفعل شيئا مختلفا عن أوباما.
وقال إنه "بالرغم من وعود سحق داعش، فإن ترامب لم يقم عمليا بفعل أي شيء مختلف عن سلفه حتى الآن".
ولفت إلى "التعزيز البسيط للقوات الأمريكية، وهو أمر كانت إدارة أوباما تقوم به بالفعل على مراحل منذ أكثر من عامين، إضافة إلى القصف الجوي غير المعدل على الغالب".
ونتيجة لذلك، فإن الوضع لم يتغير إلى حد كبير: مجرد تقدم عراقي تدريجي ضد قوات داعش المتبقية في الموصل، ومكاسب محدودة للقوات المدعومة من الولايات المتحدة والمناهضة لداعش حول مدينة الرقة عاصمة التنظيم، حسبما ذكر وايت.
وأشار إلى أن تعزيز ترامب المتواضع للقوات السورية المناهضة لداعش بمزيد من الأفراد الأمريكيين يقدم مساعدة، ولكنه لم يسفر حتى الآن عن تقدم أسرع في الرقة.
-- توجيه الانتباه إلى قضية كوريا الديمقراطية
لفت خبراء إلى أن كوريا الديمقراطية كانت نقطة محورية في سياسة ترامب الخارجية خلال أول 100 يوم له في منصبه، ومن المحتمل أن تستمر في ذلك.
في الواقع، زاد ترامب من الضغوط على كوريا الديمقراطية مؤخرا على أمل إجبار الدولة الآسيوية على التخلي عن برامجها النووية والصاروخية.
وفي يوم الأربعاء، دُعي جميع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين إلى اجتماع عير اعتيادي للغاية في البيت الأبيض للاستماع إلى إحاطات من دبلوماسيين أمريكيين ومسؤولين في الدفاع والمخابرات حول الوضع في كوريا الديمقراطية. وبعد يوم واحد، عقد مجلس الشيوخ جلسة استماع خاصة بشأن هذه القضية.
وقال خبراء إن ترامب ينتهج سياسة حول كوريا الديمقراطية مشابهة إلى حد ما لسياسة سلفه، على الرغم من أن سياسته مباشرة أكثر، مع توجيه خطاب مشدد ضد بيونغ يانغ وممارسة ضغوط عليها.
وقام ترامب في الأسابيع الأخيرة بإعادة توجيه مجموعة قتالية أمريكية تضم حاملة طائرات إلى المنطقة في محاولة لإرسال إشارة إلى كل من بيونغ يانغ وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بعد أحدث تجربة صاروخية قامت بها كوريا الديمقراطية.
وقال مايكل أوسلين، مدير الدراسات اليابانية والباحث المقيم في معهد "أمريكان إنتربرايز"، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن ترامب يتبع إستراتيجية "أوباما-زائد" حيال قضية كوريا الديمقراطية، والتي تشمل نفس النهج المتمثل في طمأنة الحلفاء والحفاظ على الأصول العسكرية في المنطقة، بيد أنها تستخدم خطابا مشددا وتهديدات مباشرة أكثر.
من جانبه، قال تروي ستانغارون، كبير مديري المعهد الاقتصادي الكوري، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه تم تحريك المجموعة الضاربة في محاولة لطمأنة كوريا الجنوبية وإرسال إشارة إلى كوريا الديمقراطية بأن هناك حدودا لما تعتبره واشنطن استفزازات.
ولفت ستانغارون إلى أنه بالرغم من أن الخيار العسكري ما زال مطروحا على الطاولة، فإن ترامب لديه خيارات قليلة تتجاوز تلك التي كانت متاحة أمام أوباما، ومن المتوقع أن ينتهج سياسة زيادة الضغط على كوريا الديمقراطية من خلال العقوبات والعزلة الدبلوماسية.
وقال بعض الخبراء إن سياسة ترامب الخارجية تشمل حتى الآن ردودا تكتيكية على قضايا محددة، ولكنها تفتقر إلى رؤية وعقيدة عالمية شاملة طويل الأجل تجمع كل شيء معا.
وأشار آخرون إلى أنه لم يمض على الرئيس الجديد إلا حوالي ثلاثة أشهر في منصبه، وما يزال هناك متسع من الوقت أمام ترامب لصياغة عقيدة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وقال أوهانلون إن "العروض الصلبة في الـ 100 يوم الأولى يجب ألا تفسر بشكل مفرط، لأنه ما يزال هناك حوالي 1400 يوم آخر، كما أن القرارات الكبيرة بشأن السياسات الرئيسية لم يتم اتخاذها بعد".