تقرير سنوي: العام 2019 يسجل سلسلة من التطورات والأحداث الاستثنائية في لبنان

2020-01-05 19:25:06|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بيروت 5 يناير 2020 (شينخوا) سجل العام 2019 في لبنان سلسلة من التطورات والأحداث الاستثنائية التى عكست بمؤشراتھا وتداعياتھا نتائج دراماتيكية على دورة حياة شعبه مفضية إلى تحرك شعبي في الشارع وأزمات سياسية واقتصادية ومالية كانت نذرها تتجمع وتتراكم تباعا منذ مطلع العام.

وجاءت هذه الأحداث نتاجا لمقدمات أبرزها تمادي القوى السياسية والطائفية في التفاهمات على تقاسم السلطة حينا أو تفاقم الصراعات بين هذه القوى أحيانا أخرى، يضاف إلى ذلك تباين توجهات هذه القوى حول خيارات البلاد الإقليمية والدولية، في وقت كانت تتعاظم فيه الأزمات والضغوط المعيشية والخدماتية والاقتصادية والمالية والنقدية على كافة شرائح المجتمع اللبناني.

واندلعت في ساحات بيروت والمناطق اللبنانية، في الفصل الأخير من العام 2019، في يوم 17 أكتوبر بشكل عفوي احتجاجات شعبية عابرة للانقسامات الحزبية والطائفية رفضا لضريبة جديدة قيمتها 6 دولارات شهريا على وسيلة الاتصال المجانية التي يوفرها تطبيق "الواتس آب".

وعلى رغم تراجع الحكومة عن هذه الضريبة، الا أن الاحتجاجات استمرت وتطورت إلى انتفاضة شعبية شاملة غير مسبوقة في حجمھا وانتشارھا، مشكلة نقطة تحول عميقة في المشھد الداخلي وفي المسار السياسي.

الا انه وبعد أيام من انطلاق الانتفاضة والحراك الشعبيين حدثت تطورات أدت بفعل تشابك الواقعين السياسي والطائفي إلى دخول جمهور بعض الأحزاب اليها وإلى خروج جمهور بعض الأحزاب عليها أو تفرعه منها، مع استمرار إعلان اجماع مجموع الأحزاب على أحقية وعدالة مطالب الانتفاضة التي أطلقت على نفسها اسم "ثورة 17 أكتوبر".

وأدت استقالة وزراء "حزب القوات اللبنانية" المسيحي من الحكومة إلى انضمام مناصري الحزب إلى الاحتجاجات مع حجب اعلامهم وشعاراتهم، فيما خرج من الانتفاضة مناصرو الثنائية الشيعية في "حركة أمل" و "حزب الله" الذين شاركوا في الاحتجاجات إثر الاتهامات التي طالت قيادة كل من الحركة والحزب بإدخالهما في منظومة الفساد والإتھامات.

فيما نزل مناصرو "تيار المستقبل" السني بزعامة سعد الحريري إلى الشارع بقوة، بعد استقالة حكومته تلبية لمطالب المحتجين في 29 أكتوبر الماضي، وذلك لمساندة الحريري وتأييدا لعودته لرئاسة الوزراء.

كذلك انضم مناصرو الزعيم الدرزي ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" جزئيا إلى الاحتجاجات مع الحرص على الدعوة إلى الحوار والهدوء وإعلان مواقف مناهضة لاداء الرئيس اللبناني ميشال عون وتياره السياسي "التيار الوطني الحر" الذي كان أسسه قبل توليه مقاليد الرئاسة ويتولى رئاسته صهره جبران باسيل.

بدوره، بقي "التيار الوطني الحر" ذات الغالبية المسيحية خارج الانتفاضة لكنه نزل الشارع في مهرجانات تضامن ودعم لمواقف عون ورفضا للمطالبة باستقالته.

أما الانتفاضة فقد أعطت الأولوية للمطالب الاقتصادية والاجتماعية متجنبة مقاربة الملفات الخلافية المحلية في الشئون السياسية ذات الخلفية الاقليمية مثل استراتيجية لبنان الدفاعية وسلاح "حزب الله" وقضايا أخرى مثل أزمة النزوح السوري والمخيمات الفلسطينية.

وتركزت مطالب الانتفاضة بعد اقالة الحكومة على تشكيل حكومة مستقلة من خارج الطبقة السياسية الحاكمة وإصلاح الادارة وبناء دولة عصرية وعادلة ومكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين واسترجاع الأموال المنھوبة واجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد للانتخابات.

وأظهرت محاولة تشكيل حكومة جديدة في البلاد كل تعقيدات الواقع اللبناني ذلك أن لبنان غير خاضع للعبة الديمقراطية بمفهومها العصري بوصفه جمهورية طائفية يشير دستورها إلى وجوب ان يكون الرئيس مسيحيا مارونيا ورئيس البرلمان مسلما شيعيا ورئيس الوزراء مسلما سنيا فضلا عن تقاسم مقاعد البرلمان والحكومة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

وأعلنت بعض الأحزاب رفضها المشاركة في الحكومة، فيما ترفض الأحزاب التي ستشارك تلبية مطلب الانتفاضة بتشكيل حكومة من خارج الطبقة السياسية بما يقصي هذه الأحزاب عن الحكومة.

وتقترح هذه الأحزاب الدخول إلى الحكومة بشكل مقنع مما يضع البلاد أمام انقسامات يهدد تشابك عناصرها بتحولها إلى أزمة مؤسسية.

وفي غضون ذلك، يسلك الوضع في لبنان منحى خطرا مع تحوله إلى أزمة شاملة تحمل في طياتھا مخاطر واحتمالات الجنوح إلى الفوضى والعنف والفتنة المذهبية أو الطائفية خصوصا مع عدم تقبل الشارع السني لرئيس الوزراء المكلف تأليف الحكومة حسان دياب حيث يعتبر هذا الشارع أن الحريري المعتذر عن التأليف هو الممثل القوي للطائفة السنية في منصب رئاسة الحكومة الذي يعود توليه إلى شخصية سنية.

أما المؤسسات الدستورية فتبدو معطلة والبنية الاقتصادية والمالية تتهاوى، والأمن الإجتماعي مهدد مع اقفال المؤسسات وارتفاع البطالة وزيادة الفقر وعجز الموردين عن تأمين السلع الحيوية بسبب شح العملات الاجنبية وحجب المصارف لأموال مودعيها بتحديد سقف أسبوعي لسحب الودائع في وقت أدت الأزمة النقدية الخانقة إلى تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية بنسبة 41 في المائة خلال قرابة 3 أشهر.

ويقف الوضع في لبنان اليوم عند استحقاقات وتحديات ثقيلة وعند خط دقيق فاصل بين الإنهيار وفقدان السيطرة والفوضى واما الإنقاذ من الأزمة المستحكمة والمأزق الشامل عبر برنامج اصلاحي للأزمة الاقتصادية والسياسية يستعيد ثقة اللبنانيين بحكومتهم ويستعيد ثقة ودعم المجتمع الدولي.

الصور

010020070790000000000000011100001386798701