تقرير سنوي: جمود سياسي يسيطر على المشهد العام في إسرائيل خلال 2019
القدس 6 يناير 2020 (شينخوا) سيطر الجمود السياسي على إسرائيل طوال عام 2019 بعد فشل تشكيل حكومة وحدة وطنية رغم إجراء جولتين من الانتخابات التشريعية مما أدخل البلاد في أزمة غير مسبوقة.
وتوجه الإسرائيليون إلى مراكز الاقتراع العام الماضي مرتين، الأولى كانت في شهر أبريل ونتج عنها فوز حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بـ 36 مقعدا، في حين حصل منافسه الرئيسي حزب "أبيض أزرق" بزعامة بيني غانتس على 35 مقعدا.
ورغم الفوز لم يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة ائتلافية على مدار عدة أشهر من محاولاته العديدة للنجاح في ذلك، ما أفضى إلى توجه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع مرة ثانية في شهر سبتمبر.
وأسفرت الانتخابات الثانية عن فوز حزب "أزرق أبيض" ب33 مقعدا مقابل حصول حزب الليكود على 32 مقعدا فقط، ولكن كلا الحزبين لم يتمكنا من تشكيل حكومة ائتلافية نظرا للخلافات السياسية الحادة بين زعيميهما، على الرغم من كافة الجهود، التي كانت تهدف لإعفاء الإسرائيليين من التوجه لصناديق الاقتراع للمرة الثالثة في أقل من عام.
وتبادل نتنياهو وغانتس الاتهامات بالمسؤولية عن فشل التشكيل الحكومي.
فيما اعتبر محللون سياسيون إسرائيليون أن زعيم حزب (إسرائيل بيتنا) أفيغدور ليبرمان، هو السبب الرئيسي في عدم تمكن أي من الرجلين من تشكيل حكومة.
وصرح ليبرمان في عدة مناسبات بأنه لن يشارك في أي حكومة ما لم تكن حكومة وحدة وطنية ائتلافية تضم نتنياهو وغانتس.
وشدد أكثر من مرة على ضرورة استبعاد القائمة العربية المشتركة، التي حصلت للمرة الأولى في تاريخها على 13 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي، لتكون أقوى حزب معارض، في أي تشكيل حكومي.
ومع عدم تمكن نتنياهو وغانتس من تشكيل حكومة ائتلافية، حل الكنيست نفسه في الساعات الأولى من فجر يوم 12 ديسمبر، وصادق على إجراء انتخابات جديدة في الثاني من مارس المقبل.
-- نتنياهو في قفص الاتهام
ولم يكن الفشل في تشكيل الائتلاف الحكومي أسوأ الضربات بالنسبة لنتنياهو، في العام 2019، فقد وجه المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي ماندلبليت، له اتهامات بالفساد في قضايا تتعلق بالاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة في 21 من نوفمبر.
وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات، ويعتبر هذه الاتهامات محاولة من خصومه السياسيين للانقلاب عليه من خلال تحقيقات "ملوثة".
وطلب نتنياهو مطلع العام الجاري من رئيس الكنيست يولي إدلشتاين، الحصول على الحصانة البرلمانية لمنع محاكمته في التهم الموجهة إليه في قضايا فساد، وهو ما واجه انتقادات واسعة من السياسيين الإسرائيليين.
وفي نهاية العام الماضي حظي نتنياهو المتهم بالفساد، بدعم وتعزيز لموقعه في معسكر اليمين الإسرائيلي بفوزه الكبير في الانتخابات التي جرت على رئاسة حزب الليكود.
كما شكل رفض المحكمة العليا الإسرائيلية قبل أيام البت في التماس تقدم به محامون لمنع نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة في حال فوزه في انتخابات الكنيست المقبلة، دعما لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
-- التوترات مع الجوار
وشهدت الجبهة الجنوبية عدة جولات من القتال بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة كان على رأسها قيام إسرائيل باغتيال بهاء ابو العطا، القائد البارز في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في 12 نوفمبر 2019.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه خلال عام 2019، تم إطلاق 1295 قذيفة صاروخية من قطاع غزة تجاه إسرائيل، فيما هاجم الجيش نحو 900 هدف في قطاع غزة.
وعلى الحدود مع لبنان وسوريا، دمر الجيش الإسرائيلي ستة أنفاق قال بأنها امتدت من لبنان واجتازت الأراضي الإسرائيلية، وذلك في إطار عملية "درع الشمال".
وفي السياق، اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، في شهر مارس الماضي.
ووصف نتنياهو الاعتراف "بالتاريخي"، مشيرا إلى أن مرتفعات الجولان ستظل إلى الأبد تحت السيطرة الإسرائيلية.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن ترامب فعل ما لم يستطع أي رئيس أمريكي آخر فعله، خاصة بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وتسعى إسرائيل كذلك لضم غور الأردن في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية.
فخلال مفاوضات تشكيل الحكومة، طالب نتنياهو بإعطائه الفرصة لأن يشغل منصب رئيس الحكومة لستة أشهر فقط من أجل ضم غور الأردن، إلا أن طلبه قوبل برفض منافسيه.
في المقابل، أنهى الأردن عقد إيجار منطقتي الباقورة والغمر مع إسرائيل بعد 25 عاما من توقيع اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية التى صدر بموجبها ملحقين منحا إسرائيل حق الانتفاع للمنطقتين الأردنيتين.
-- توسع استيطاني بدعم أمريكي
وتعهد نتنياهو مرارا خلال العام 2019 بتطبيق سيادة إسرائيل على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والامتناع عن إخلاء أي منها، فيما صادقت السلطات على بناء مستوطنات جديدة.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية وليد عساف، مؤخرا أن إسرائيل أقامت 15 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس في عام 2019.
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في شهر نوفمبر الماضي، أنها لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية "مخالفة للقانون الدولي".
ورحبت إسرائيل بالقرار الأمريكي، واعتبرته "تصحيحا لخطأ تاريخي"، فيما ندد به الفلسطينيون بشدة واعتبروه تقويضا لفرص تحقيق السلام ومخالفة لقرارات الشرعية الدولية.
ويعد الاستيطان أبرز ملفات الخلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل في ظل توقف مفاوضات السلام بينهما منذ نهاية مارس العام 2014 بعد تسعة أشهر من المباحثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم.
-- ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس
وما زال ملف الجنود الإسرائيليين المعتقلين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يراوح مكانه، على الرغم من إرهاصات تشير إلى احتمالية إبرام عملية تبادل للأسرى ما بين حماس وإسرائيل .
ويرى محللون سياسيون أن إسرائيل وحماس تخوضان مفاوضات غير مباشرة من خلال وساطات أممية وعربية للتوصل إلى حل نهائي لهذه القضية.
وتطالب حماس بالإفراج عن أسرى فلسطينيين قدامى، بالإضافة إلى الإفراج عن كافة الأسرى المحررين في صفقة شاليط عام 2011، والذين أعادت إسرائيل اعتقالهم في الضفة الغربية.
ولم تعلن أي من حماس أو إسرائيل بشكل رسمي حول هذا الملف.
-- الجنائية الدولية تحقق ضد إسرائيل
وفي نهاية العام 2019، أعلنت رئيسة الإدعاء في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، في 20 ديسمبر أنها ترغب في فتح تحقيق كامل في مزاعم ارتكاب "جرائم حرب" في الأراضي الفلسطينية.
وقدمت بنسودا طلباً للدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية ومقرها لاهاي، تطلب فيه تقديم حكماً بشأن الولاية الجغرافية للأراضي الفلسطينية.
وقوبل إعلان المدعية العامة للجنائية الدولية برفض إسرائيلي وأمريكي واسع مقابل ترحيب من قبل الفلسطينيين.