تقرير سنوي: الأردن في 2019 .. نجاح سياسي واستقرار اقتصادي في ظل جوار مضطرب
عمان 6 يناير 2020 (شينخوا) حقق الأردن خلال عام 2019 نجاحا سياسيا واستقرارا في الوضع الاقتصادي رغم ركود بعض قطاعاته تأثرا بظروف دول الإقليم المحيطة به وانعكاسها بشكل مباشر وغير مباشر على حياة المواطن.
وسجل الأردن خلال العام المنقضي، نجاحا في ملف حشد الدعم السياسي والمالي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، حيث وظف الملك عبدالله الثاني علاقاته العربية والدولية لتوفير الدعم السياسي والمالي لسد العجز في ميزانية الأونروا بعد ان تخلت واشنطن عن دفع التزاماتها المالية والبالغة 360 مليون دولار.
وساهم هذا الدعم السياسي بتقليص العجز المالي الى 89 مليون دولار، بالإضافة إلي التصويت الذي حصلت عليه الأونروا بأغلبية 170 صوتا من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتجديد ولايتها لثلاثة أعوام أخرى.
واعتبر مراقبون أن تصويت الجمعية العامة على قرار تمديد تفويض عمل الوكالة لثلاثة أعوام، انتصار يحسب للأردن، خاصة أنه يعيش على أرضه حوالي مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الوكالة.
وفي عام 2019، استعاد الأردن سيادته على أراضي الباقورة والغمر التي كانت مؤجرة لاسرائيل وفق معاهدة السلام الموقعة بين الجانبين عام 1994، رغم محاولات الاسرائيليين تمديد العمل بملحقي المنطقتين لمدة جديدة.
ورأى مراقبون أن عودة السيادة الأردنية على أراضي الباقورة والغمر انتصار سياسي للملك عبدالله الثاني عندما أصدر توجيهاته للحكومة، باتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمة لاستعادة أراضيه عند انتهاء عقد تأجيرها وفق معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية.
وبقي الأردن في مقدمة المدافعين عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس انطلاقا من وصايته عليها، وإزاء ما تصفها المملكة بالانتهاكات المتكررة للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين الإسرائيليين.
وشكل أداء وزارة الخارجية الأردنية، نقلة نوعية في التعاطي مع ملف المعتقلين في الخارج، ومتابعة قضايا وهموم المغتربين وسرعة التعاطي معها.
ونجح الأردن عبر وزارة الخارجية في الإفراج عن معتقلين في كل من سوريا وليبيا والعراق وكان آخر ذلك النجاح في الإفراج عن المعتقلين لدى اسرائيل هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي، ما أحيا آمالا عريضة في نفوس أهالي المعتقلين الآخرين الذين ما يزالون خلف القضبان في الخارج، خاصة في سجون اسرائيل.
وبرزت أحداث خلال عام 2019، كانت محط اهتمام الجميع وأهمها إضراب معلمي وزارة التربية والتعليم الذي استمر نحو 20 يوما دراسيا، وصف بأنه أطول إضراب تشهده البلاد منذ تأسيسها، وكان واحدا من المحركات التي ألقت الضوء بقوة على "المعضلة التعليمية" ومقتضياتها.
ويمكن القول إن 2019 كان عام إنجازات للنقابات المهنية وإن تفاوتت نسبتها وأهميتها من نقابة لأخرى، وقد تكون مسألة "العلاوات" أبرز ما تمكنت من تحقيقه غالبية النقابات وعلى رأسها نقابة المعلمين.
على الصعيد الاقتصادي، حقق قطاع السياحة وقطاع الصناعة نموا وزيادة في الايرادات خلال العام المنصرم الا أن العديد من القطاعات ظلت تراوح مكانها.
فقد سجل قطاع السياحة في 2019 زيادة في عدد الزوار وارتفاع الدخل وأظهرت الأرقام الإحصائية للقطاع ارتفاعا واضحا وتحسنا في أعداد السياح الذين ناهزوا 5 ملايين زائر.
وشهد القطاع نموا حقيقيا على أرض الواقع أسهم في تنمية وتنشيط الاقتصاد الوطني بما نسبته 14 % في الناتج المحلي الإجمالي.
وارتفعت عائدات القطاع السياحي خلال 11 شهرًا، الى 5.4 مليار دولار، أي ما يعادل 3.8 مليار دينار، بحسب البنك المركزي الاردني.
وحسب البنك، يعود ارتفاع العائدات لزيادة عدد السياح الكلي بنسبة 8.3 بالمائة، مقارنة عام 2018.
أما قطاع الصناعة وعلى الرغم من التحديات والمعيقات التي واجهته خلال عام 2019 وما رافق ذلك من استمرار لانغلاق الأسواق التقليدية في سوريا والعراق وتركيا ولبنان، الا أن الصادرات سجلت نموا في معدلاتها وفق احصائيات رسمية.
ومنذ سنوات، يشهد العراق وسوريا المجاوران للأردن أوضاعا مضطربة فيما عرف لبنان في الفصل الأخير من العام 2019 سلسلة من التطورات والأحداث الاستثنائية أفضت إلى تحرك شعبي في الشارع وأزمات سياسية واقتصادية دفعت الحكومة الى الاستقالة.
وبرر رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير هذه الزيادة بالصادرات الصناعية إلى الجودة العالية التي تتمتع بها المنتجات الوطنية ما جعلها أكثر منافسة وطلبا بالأسواق الخارجية، إضافة إلى تعزيز الاستفادة من الاتفاقيات التي تربط المملكة مع العديد من دول العالم بخاصة الموقعة مع الولايات المتحدة.
وأكد الجغبير لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الصادرات الصناعية نمت خلال الأشهر التسعة الماضية من العام الحالي بنسبة 10 % لتصل إلى ما يقارب 3.4 مليار دينار مقارنة مع 3.1 مليار دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وشهد قطاع صناعة المحيكات زيادة في صادراته نسبتها 11 %، وقطاع الصناعات الغذائية بنسبة 7 %، فيما نمت صادرات الصناعات الدوائية بنسبة 4 %.
ويشغل القطاع الصناعي حوالي 240 ألف عامل وعاملة يشكلون ما نسبته 21 % من حجم القوى العاملة الأردنية، فيما تبلغ نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي حوالي 25 %، هذا عدا عن انه أكثر القطاعات رفدا لاحتياطي المملكة من العملات الأجنبية وبما يقدر بـ 9 مليارات دولار سنوياً.
وعلى الرغم من نمو قطاعي السياحة والصناعة الا ان النمو في الناتج المحلي بقي في حدود 2 بالمائة.
وعلى ضوء ذلك، أطلقت الحكومة الأردنية أربع حزم لتنشيط حالة الركود التي طالت بعض القطاعات مثل قطاع العقارات وقطاع السيارات، حيث خففت الحكومة الضرائب والرسوم على هذه القطاعات ما أدى إلى ظهور نتائج إيجابية مباشرة.
كما تضمنت الحزم زيادات الرواتب، والسماح بصرف رصيد التعطل من الضمان الاجتماعي، ما أدى إلى تنشيط الحركة في الأسواق اضافة الى تحسين أداء التعليم والصحة والنقل.
ويؤكد خبراء أن حال الاقتصاد في البلاد بقي يراوح مكانه، ولم يختلف عما كان عليه في أعوام سابقة، وبقي تباطؤه السمة الأوضح، في المقابل، ظل أداء الحكومة متقلبا حيال هذا الملف، بين تردد واندفاع نحو أداء أفضل.
وسيكون أمام الحكومة في عام 2020 التعاطي مع ملفات ملحة كالفقر والبطالة والزراعة والنقل والطرق والمياه والصحة والتعليم، اضافة الى زيادة العجز في الموازنة العامة للدولة القائمة على المساعدات الخارجية وكذلك زيادة الدين العام الذي بلغ في آخر احصائية رسمية في نوفمبر الماضي نحو 41 مليار دولار ما يشكل 97 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.