تقرير سنوي : السودان يطوي صفحة حكم البشير في 2019
الخرطوم 6 يناير 2020 (شينخوا) طوى السودان في العام 2019 صفحة حكم نظام الرئيس عمر البشير، بعد ثلاثة عقود في السلطة تحت وطأة احتجاجات حاشدة دامت أربعة أشهر انتهت بتشكيل سلطات انتقالية لإدارة شؤون البلاد لمدة تتجاوز ثلاثة أعوام.
ففي مطلع العام 2019 واصل السودانيون احتجاجات وتظاهرات تطالب برحيل نظام البشير كانوا قد بدأوها في 19 ديسمبر 2018.
مخاض عسير
وفي بادئ الأمر خرج السودانيون في تظاهرات احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي ومستوى المعيشة، لكن الأمر تطور لاحقا للمطالبة برحيل نظام البشير.
ونتيجة لضغط الشارع، أعلن 23 حزبا مشاركا في الحكومة في أول يناير 2019 الانسحاب من الحكومة، وطالبوا بتشكيل "مجلس سيادة انتقالي لتسيير شؤون البلاد" و"تشكيل حكومة قومية".
ومع تواصل التظاهرات، أعلن البشير في 22 فبراير حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة عام، وحل الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، في إنحناءة أولى أمام عاصفة الاحتجاجات.
وفى الأول من مارس أعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم، حينذاك أن البشير فوض صلاحياته كرئيس للحزب لنائبه أحمد محمد هارون، لحين انعقاد المؤتمر العام التالي للحزب، وذلك للتأكيد على أنه "يقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية".
وبلغت احتجاجات السودانيين ذروتها صبيحة يوم السادس من أبريل 2019 عندما تمكن الاف المحتجين من كسر طوق أمني والاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع السودانية في الخرطوم فيما بات يعرف بميدان "القيادة العامة".
وشكل الاعتصام المفتوح نقلة نوعية في مسيرة "الثورة السودانية" إذ حظي بحماية وحدات من الجيش السوداني.
سقوط نظام البشير وبروز سلطات جديدة
وبعد مخاض عسير قدم ثمنه السودانيون، أعلن وزير الدفاع السوداني حينها الفريق أول عوض بن عوف، في 11 أبريل 2019 في بيان بثه التلفزيون الرسمي، تنحية البشير واعتقاله وبدء فترة انتقالية لعامين.
كما أعلن أيضا حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وحظر التجوال لمدة شهر، وتبع ذلك تشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة بن عوف.
وتحت ضغط الشارع أعلن بن عوف في 12 أبريل استقالته من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي المشكل حديثا، وتعيين الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيسا له، ومحمد حمدان دقلو نائبا لرئيس المجلس، بالإضافة لثمانية أعضاء من كبار قيادات الجيش السوداني.
وخلال شهرى أبريل ومايو من العام 2019 خاض المجلس العسكري الانتقالي وائتلاف تحالف قوى الحرية والتغيير، الذي قاد الاحتجاجات، مفاوضات ماراثونية لتشكيل هياكل السلطة الانتقالية.
وجرت هذه المفاوضات تحت سمع وبصر اعتصام القيادة العامة، قبل فضه في الثالث من يونيو عندما هاجمه عسكريون.
واتهمت النيابة العامة في السودان رسميا في أواخر يوليو ضباطا بالجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالتورط في فض الاعتصام بالخرطوم.
واحتجاجا على فض الاعتصام، نظمت قوى الحرية والتغيير إضرابا وعصيانا استمر لثلاثة أيام ، قبل أن تنجح وساطة إثيوبية إفريقية في إنهائه وإعادة المجلس العسكري الانتقالي والقوى المدنية إلى طاولة التفاوض.
وفي 17 يوليو توافق المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير على إعلان سياسي بشأن هياكل الفترة الانتقالية، والتي تتكون من المجلس السيادي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي الانتقالي.
ووقع الجانبان في الرابع من أغسطس بالأحرف الأولى على وثيقة دستورية نصت على صلاحيات هياكل الفترة الانتقالية وصلاحيات شاغلي المناصب الدستورية في الحكومة الانتقالية، التي ستستمر لمدة 39 شهرا.
فرح السودان
وفي 17 أغسطس شهدت الخرطوم احتفالية كبرى سميت "فرح السودان"، بمناسبة التوقيع رسميا على الوثيقتين السياسية والدستورية، اللتين أسستا للفترة الانتقالية ومؤسساتها.
وبعد ثلاثة أيام أعلن المجلس العسكري الانتقالي اعتماد تشكيل مجلس السيادة المشترك، الذي يتكون من 11 عضوا برئاسة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي أدى اليمين الدستورية في 21 أغسطس.
وفي اليوم ذاته، أدى عبد الله حمدوك، اليمين الدستورية رئيسا لوزراء الحكومة الانتقالية في السودان.
وشكل حمدوك حكومة انتقالية من 20 وزيرا، بينهم أربع سيدات.
وشكل تأليف السلطات الجديدة بداية عهد جديد في السودان شهد في مستهل مسيرته حل وتفكيك مؤسسات نظام البشير ومحاكمة رموزه.
ففي 28 نوفمبر أجاز اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء في السودان قانونا بحل حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقا) في البلاد.
وفي ديسمبر أصدرت محكمة سودانية حكما بالإعدام على 27 من منتسبي جهاز المخابرات بتهمة قتل ناشط سياسي.
وأصدرت محكمة خاصة في 14 ديسمبر حكما على الرئيس المعزول عمر البشير، بقضاء عامين في منشأة إصلاحية في قضية فساد، في خطوة تشير إلى إسدال الستار وطي صفحة نظام ورئيس تولى السلطة لثلاثة عقود في السودان.