بكين 23 ديسمبر 2016( شينخوا) تعتبر الأوبرا التبتية من المتحجرات الحية للثقافة التبيتية، ويعود تاريخها إلى أكثر من ستمئات سنة، وهي بمثابة فن يترجم الأعمال الأدبية إلى أغان ورقصات، والآن يوجد في منطقة التبت ذاتية الحكم الواقعة جنوب غربي الصين أكثر من مائة فرقة للأوبرا التبتية، وأشهرها فرقة نيانغريه الشعبية للأوبرا التبتية التي شاركت في مراسم الافتتاح لدورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008 وخلال مهرجان شوتون هذه السنة، زرت هذه الفرقة التي تأسست في عام 1979.
بعد تلغبها على مشقات الماضي وتطورها المستمر لاسيما في السنوات الأخيرة، أصبح لهذه الفرقة الآن أكثر من سبعين فردا، تتراوح أعمارهم بين اثني عشر عاما وسبعة وثلاثين عاما. كما تتمتع الفرقة بسمعة كبيرة في جميع أنحاء التبت. حيث أخبرني رئيس فرقة نيانغريه الشعبية للأوبرا التبتية أنه ورث رئاسة هذه الفرقة عملا بوسيلة والده، وكان والده يطلب الممثلين في الفرقة من الالتزام بالانضباط والتواضع والأخلاق الحميدة، باعتقاد أن ذلك هو مفتاح نجاح الفرقة، مضيفا أنهم يهتمون بإبداع الأوبرا التبتبة، ونقلها من الميدان إلى المسرح، بتعريف المزيد من الناس على هذه الثقافة الرائعة.
رغم بساطة ظروف مكان التدريبات، غير أن ذلك لم يؤثر على حماس الممثلين ورغبتهم في التمرين الجاد على كل الألحان والحركات. فبفضل هذه التدريبات المزمنة، تلقى عروض الفرقة إقبالا شديدا من المشاهدين، وتكون قادرة على المشاركة في عروض ضخمة مثل مهرجان شوتون السنوي وغيرها من النشاطات الفنية الكبيرة.
قالت دان تشن، ممثلة في فرقة نيانغريه الشعبية للأوبرا التبتية إن كلا من جدها وأمها كانا ممثلين في الأوبرا التبتية، وترعرعت بهما وأحبّت هذا الفن. كما أضافت إلى أنها تحتاج إلى القيام بالتدريب لخمس ساعات يوميا على الأقل، لكنها لا تشعر بالتعب، لأنها من أهالي التبت، وإن الأوبرا التبتية جزء من ثقافة قوميتهم، فيسرها أن ترثها وتروجها.
هذا ولم تقتصر هذه الفرقة الشعبية على تقديم العروض لثمان أوبرات تبتية تقليدية كلاسكية فحسب، بل ظلت تعمل على إضافة الخصائص المسرحية الشعبية الأخرى والرقصات الموسيقية الحديثة إلى عروضها. ومن أجل تحسين مستوى العروض، دعا فرقة نيانغريه الشعبية تسي دان دورج الفنان الوحيد في العالم والقادر على تقديم عروض الأوبرا التبتية الثماني بالأسلوب التقليدي وبشكل شامل لتعليم وإرشاد ممثلي الفرقة الشباب.
وأشار تسي دان دورج كبير الفنانين للأوبرا التبتية إلى أن الهمّ المشترك لهم هو توارث الأوبرا التبتية، غير أنه سعيد لرؤية هؤلاء الشباب يحبون ويدرسون ويعرضون الأوبرا التبتية، إنهم مستقبل الأوبرا التبتية، قائلا إنه الآن مطمئن على مستقبل هذا النوع من الفنون.
هذا وخلال مهرجان شوتون هذا العام، أظهرت هذه الفرقة الشعبية نتائج تدريباتها بشكل مقنع، حيث قدمت أمام المشاهدين في الميدان أروع العروض التي لقيت ترحيبا حارا. قالت ممثلة في فرقة نيانغريه الشعبية ومشاركة في العروض إنهم قدموا العروض طوال اليوم خلال فترة مهرجان شوتون. ورغم التعب، إلا أن إقبال المشاهدين يرضيهم. وشعرت بالسرور والفرح كلما يشاهد المزيد من الشباب عروضهم.
ومن جانبها، قالت سائحة من مدينة شنتشن إنها جاءت هنا خصوصا لحضور مهرجان شوتون، معبرة عن سعادتها لمشاهدة الأوبرا التبتية بأم عينيها، معتقدة أن الأوبرا التبتية تعكس خلاصة ثقافة القومية التبتية. كما قال مشاهد تبتي:"مقارنة مع الأعوام الماضية، أصبحت عروض الأوبرا التبتية تجتذب مزيدا من المشاهدين. إنها أروع ، كما أن من بين ممثليها مزيد من الشباب."
هذا والجدير بالذكر أن الحكومة الصينية خصصت مبلغا كبيرا لحماية الأوبرا التبتية وتوريثها وترويج هذا الكنز في الثقافة التبتية. في عام 2009أدرجت اليونسكو للأمم المتحدة الأوبرا التبتية في قائمة التراث الثقافي غير المادي في العالم، وذلك يشكل تشجيعا لممثليها ومحبيها، وفي الوقت نفسه، جذب إليها مزيدا من المتابعين لهذا النوع من الفن الفريد.
علاوة على ذلك، بفضل إيلاء الدولة والمنطقة اهتماما بالغا بالحماية الفعالة للأوبرا التبتية ودعم وتشجيع ممثليها، تحقق توارث وتنمية هذا النوع من الفنون والذي يطلق عليه اسم الأحفورات الحية لثقافة قومية التبت، وهو يعد برهانا لحرص الصين على تراثها الثقافي غير المادي.
مصدر: شينخوا نت