بكين 15 فبراير 2018 ( شينخوانت) مع حلول عيد الربيع، يعود كل مغترب عن بلدته إلى بيته ليتجمع مع أهله. وهذه العوامل النفسية لها مغزى عميق في الثقافة الشعبية والعادات والتقاليد الصينية، ويمكن القول إن رسوخها مثل الجذور العميقة الراسخة والمنتشرة على نطاق واسع.
وعشاء ليلة العيد يطلق عليه أيضا طعام لم الشمل، حيث يقصد به تناول الطعام في آخر ليلة في السنة القمرية. يودع الناس في هذا الوقت العام القديم ويستقبلون العام الجديد، وتتجمع العائلة بأكملها لتناول وجبة العشاء معا. إن التجمع السنوي لتناول عشاء ليلة العيد يعبر عن تبادل الحب والاحترام بين أفراد عائلات القومية الصينية.
وعندما ينشغل الأطفال في إطلاق الألعاب النارية، يكون المطبخ في أعلى درجات ازدحامه بنساء الأسرة، ويكون قد تم شراء متطلبات عشاء ليلة العيد قبل ذلك بعدة أيام، ويتم اعداد عشاء ليلة العيد في اليوم الثلاثين من الشهر القمري الأخير. وفي الشمال يتم لف "جياوتسي" في ليلة الثلاثين من الشهر القمري الأخير. وتكون لوحات التقطيع في كل البيوت عامرة بالأصوات النابعة عن تقطيع اللحم والخضروات. وفي هذا الوقت تتصاعد ضربات التقطيع من ألواح التقطيع في البيوت، وتكون الشوارع والحارات غارقة في أصوات الألعاب النارية، وتتصاعد طقطقة الضرب على مفاتيح الحواسيب وأصوات خروج فواتير السداد، كما يتخلل ذلك أصوات الضحكات التي تتصاعد وتخفت هنا وهناك، في زخم جميل يطرب الأسماع، لتكون بذلك هي سيمفونية ليلة رأس السنة الصينية.
وتناول عشاء ليلة العيد هي أكثر لحظات الأسرة صخبا وسعادة في عيد الربيع. ففي ليلة العيد الكبيرة تكون المائدة عامرة بالخضروات واللحوم، ويتجمع لم شمل الأسرة، ويجلسون متجاورين على مائدة واحدة، ويتناولون معا عشاء ليلة العيد، والمشاعر التي تخالجهم في تلك اللحظة من الصعب وصفها. ويتشارك الجميع في تناول الأطباق الشهية التي تزخر بها المائدة، كما يتشاركون جو الفرحة، ومع أطباق الخضروات وأطباق الأطعمة الباردة والساخنة والمعجنات، عادة لا تخلو المادئة من شيئين، الأول هو الطعام في القدر الساخن والثاني هو الأسماك، فالقدر الساخن تكون مغلية وتتصاعد منها البخار الشهي الذي يسيل له اللعاب، لتدل على الحيوية، أما الأسماك فهي تتشابه في النطق الصوتي مع كلمة الفيض والزيادة في اللغة الصينية، وهي ترمز إلى الحظ الوافر والعميم، ويمكنها أن تشبه الزيادة والفيض في كل عام. والجمبري والمحار وغيرها من الأطعمة المقلية والمسلوقة بالبخار، كلها أمنيات مستقبلية أن يكون الحظ قوي مثل "الزيت الملتهب". وفي النهاية تكون هناك الأطعمة الحلوة، تمنيًا أن تكون الأيام القادمة حلوة وعذبة.
إن أصناف الطعام التي تقدم في عشاء ليلة العام الجديد كثيرة، وتختلف من مكان لآخر، حيث تختلف في الشمال عنها في الجنوب، فهناك "جياوتسي"، و"خوندون" والمعكرونة الطويلة و"يوانشياو" وغيرها، ولكل منها مهارة في الصنع. فاعتاد أهل الشمال على أن يحتفلون بالعيد بتناول "جياوتسي"، لأن العجين الأبيض ل"جياوتسي" يشبه في شكله سبائك الفضة، وعندما يتم رصه على مقدمة المائدة كأنه يرمز إلى "عام جديد ملئ بالثروات الجديدة والسبائك القادمة". والمعكرونة الطويلة يطلق عليها أيضا معكرونة العمر الطويل. فكل عام جديد يتم تناول المعكرونة فيه، هو تمني مستقبلي لعمر مديد يصل لمائة عام.