بكين 6 أبريل 2015 (شينخوا) في ظل العلاقات الوطيدة بين الصين وروسيا، من المقرر أن يقوم الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة إلى روسيا في الفترة من 8 إلى 10 مايو الجارى حيث سيحضر العرض العسكري الضخم الذي سيقام في الساحة الحمراء بموسكو لإحياء الذكرى الـ70 للنصر في الحرب الوطنية العظمى.
إن الصين وروسيا أكبر جارتين لكل منهما الأخرى، وقد دخلت علاقاتهما الثنائية مرحلة بارزة تتسم بكثافة التبادلات رفيعة المستوى، حيث ستتم لقاءات بين رئيسي البلدين خلال العام الجاري في عدة مناسبات مثل قمة دول بريكس وقمة منظمة شانغهاي للتعاون وقمة مجموعة الـ20 والمؤتمر غير الرسمي لمجموعة أبيك.
في الواقع، منذ أول زيارة قام بها شي جين بينغ إلى روسيا بصفته رئيسا للصين في مارس 2013، التقى الرئيسان الصيني والروسي مرات عدة في إطار ثنائي ومتعددة الأطراف وتوصلا إلى سلسلة من التوافقات الهامة لدفع العلاقات الثنائية وتعميق التعاون العملي في شتى المجالات، ويرجع الفضل في ذلك إلى قيادة الرئيسين الإستراتيجية وتصميمهما على تحقيق ذلك.وتمضى العلاقات الصينية- الروسية على مستوى رفيع للغاية ودخلت الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين مرحلة جديدة.وقد أنشأ الجانبان آلية تعاون شاملة، أبرز ما فيها اللقاء الدوري بين رئيسي الوزراء الصيني والروسي والذي يتضمن اجتماعات تعقدها اللجنة الخاصة بترتيب هذا اللقاء.
ولكنه بالمقارنة مع التعاون السياسي الرفيع، مازال هناك إمكانات ضخمة لرفع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وخلال زيارته إلى روسيا، من المقرر أن يوقع الرئيس شي على سلسلة من اتفاقات التعاون الرامية إلى إقامة مشروعات رئيسية ضخمة في مجالات الطاقة والمالية والاستثمار والبنية التحتية، فضلا عن تحديد أولويات التعاون للمرحلة القادمة.
وعلى الرغم من وجود عوامل غير مواتية بما فيها النمو الاقتصادي العالمي بالمستوى المنخفض والتداعيات الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، حقق البلدان النتائج الرائعة في عام 2014الذي يعد بمثابة علامة فارقة، حيث أن التجارة الثنائية شهدت فيه ارتفاعا صاروخيا وسجلت رقما قياسيا قيمته 95.28 مليار دولار، بزيادة 6.8 % مقارنة بالعام السابق.
وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري لروسيا على مدى خمس سنوات متتالية فيما أصبحت الأخيرة تاسع أكبر شريك للأولى، ما يبرهن على تكامل العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين، المستهلك الكبير للطاقة، وروسيا، ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط والأولى في تصدير الغاز عالميا. وقد حدد البلدان هدفا يتمثل في الوصول بحجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار في عام 2015 وإلى 200 مليار دولار في عام 2020.
ويتجلى التعاون الثنائي بوضوح في مجال النفط حيث استوردت الصين 33 مليون طن من النفط من روسيا في عام 2014، وهو ما يعادل حوالي 10% من واردات النفط الصينية، وسجلت هذه الواردات زيادة نسبتها 36 % مقارنة بالعام السابق.
في هذا الصدد، سيطلق البلدان مشروع بناء الخط الشرقي لأنابيب نقل الغاز الطبيعي الذي أبرمت الحكومتان الصينية والروسية في أكتوبر 2014 بشأنه عقدا قيمته 400 مليار دولار لتوريد الغاز إلى الصين لمدة 30 عاما. وفي البداية، سيتم توريد خمسة مليارات متر مكعب سنويا من الغاز إلى الصين اعتبارا من عام 2018، وستزداد كمية الغاز لتصل إلى 38 مليار متر مكعب سنويا مستقبلا. كما سيوقع الجانبان اتفاق تعاون لبناء الخط الغربي لأنابيب نقل الغاز الطبيعي، مما يفتح صفحة جديدة في تعاون البلدين في مجال الطاقة.
ومع تفعيل مبادرة "الحزام الاقتصادي وطريق الحرير"، تركز الصين على الترابط بينها وبين الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق". وتعد روسيا من المحطات الهامة في هذه المبادرة حيث تقرر إقامة ممر نقل أوروآسيوي فائق السرعة يمتد من بكين إلى موسكو حيث يعد القسم الممتد من موسكو إلى قازان غربي روسيا والبالغ طوله 770 كلم المرحلة الأولى من هذا الممر ومن شأنه أن يقصر مدة الرحلة بين موسكو وقازان من 14 ساعة إلى 3.5 ساعة.
وعلى صعيد التجارة الحدودية الثنائية، وصلت قيمة هذا الشق التجاري في الأشهر العشرة الأولى من عام 2014 إلى 9.25 مليار دولار، بزيادة 5.3 % مقارنة بالعام السابق حيث بلغ حجم الصادرات الحدودية الصينية إلى روسيا 4.5 مليار دولار، بزيادة 10.6% فيما بلغ حجم نظيراتها الروسية إلى الصين 4.74 مليار دولار، بزيادة 0.7% مقارنة بالعام السابق.
وعلاوة على ذلك، ستسعي الصين إلى تسريع البحوث المشتركة مع روسيا في مجال صناعة الطائرات الضخمة طويلة المدى وتفعيل التعاون الاستراتيجي لتطوير مناطق الشرق الأقصى الروسية ودفع التعاون في بناء سكك حديدية فائقة السرعة في روسيا.