الصفحة الأولى > التقارير والتحليلات

((الصين في عيون العرب)) زيارة كيرى لبكين .. ومستقبل العلاقات الصينية ـ الأمريكية

17:06:48 27-05-2015 | Arabic. News. Cn

بقلم سـامى القمحـاوى (الصحفي من جريدة الأهرام)

35 ساعة استغرقتها زيارة جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، الأخيرة إلى العاصمة الصينية بكين، كانت كافية لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بمستقبل العلاقات الثنائية بين أكبر قوتين اقتصاديتين فى العالم، بعد توترات شهدتها هذه العلاقات خلال الأسابيع القليلة الماضية، على خلفية تقارير أمريكية هاجمت بعض السياسات الصينية على المستوى المحلى والإقليمى، وردت عليها بكين فى حينها. زيارة كيرى لبكين اكتسب أهمية أخرى، حيث أعلن أنها تأتى فى إطار التحضير لانعقاد الحوار الاقتصادى الاستراتيجى السنوى بين الصين والولايات المتحدة، المقرر انعقاده فى واشنطن خلال شهر يونيو المقبل، كما تعد زيارة وزير الخارجية الأمريكى إلى العاصمة الصينية، وهى الزيارة الخامسة له منذ توليه منصبه، إحدى خطوات التحضير للزيارة المقررة للرئيس الصينى شى جين بينج إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى شهر سبتمبر المقبل.

شكوك كيرى

كيرى جاء إلى بكين محملا بشكوك واشنطن حول نشاطات بكين فى بحر الصين الجنوبى، وأعمال البناء الجارية فى جزيرة سبراتلى، التى تثير قلق كلا من فيتنام والفلبين، المطالبتين بالسيادة على مناطق ببحر الصين، لدرجة أن تقارير إعلامية ذكرت أن البنتاجون يخطط لإرسال طائرات وسفن عسكرية لحماية "حرية الملاحة فى الطرق المائية"، وهو القلق الذى عبر عنه التقرير الذى نشرته وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" حول التطورات الأمنية والعسكرية بالصين ورفضته بكين، حيث قال قنج يان شنج، المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، إن هذا التقرير دمر الثقة على نحو خطير، وعارض التوافق المهم الذى توصل إليه قادة البلدين حول إنشاء نوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى ونوع جديد من العلاقات العسكرية.

واعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية أن التقرير ركز على "التهديد الصينى العسكرى" وتجاهل الحقائق، وألقى اتهامات لا أساس لها حول البناء الدفاعى والعسكرى الصينى، وأضاف أن الصين تعارض بشكل صارم اتهامات الولايات المتحدة حول قضايا من بينها اتجاه سياسات الدفاع الصينية وما سماه التقرير بـ"نقص الشفافية"، وشدد على أن التقرير الذي نشرته وزارة الدفاع الأمريكية تجاهل جهود الصين فى تحقيق السلام والاستقرار العالمى والإقليمى، وتعزيز العلاقات العسكرية بين الصين والولايات المتحدة، وأنه شوه استراتيجيات التنمية السلمية الصينية، و"خطوات الصين المبررة" لدعم السيادة فى بحر الصين الشرقى وبحر الصين الجنوبى.

رفض بكين

هذا القلق الذى حمله كيرى وعبر عنه خلال لقاءاته مع المسئولين الصينيين واجه ردا حازما من جانبهم، فرغم تأكيده أن العلاقات بين الصين وأمريكا مستقرة فإن الرئيس شى جين بينج دعا الولايات المتحدة إلى معالجة الخلافات وتعزيز الثقة المتبادلة، مشيرا إلى أنه ينبغى على الجانبين الصينى والأمريكى السيطرة على الخلافات لضمان تقدم العلاقات الثنائية، مجددا تأكيده: "كما ذكرت عدة مرات.. المحيط الهادئ الشاسع فسيح بما يكفى لاحتواء الصين والولايات المتحدة".

بينما شدد كل من وزير الخارجية الصينى وانج يى، ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية فان تشانج لونج، خلال لقاءين منفصلين مع وزير الخارجية الأمريكى، على أن أعمال البناء فى جزر بحر الصين الجنوبى تندرج ضمن نطاق سيادة الصين، وقال وزير الخارجية الصينى خلال مؤتمره الصحفى مع كيرى إن إصرار الصين على حماية سيادتها ووحدتها الإقليمية صلب كالصخرة ولايتزعزع.

فيما قال يانج جيه تشى لكيرى خلال اجتماعهما إنه يجب على البلدين النظر إلى النوايا الإستراتيجية للجانبين من منظور موضوعي وعقلاني، وحث الولايات المتحدة على بذل المزيد من الجهود لصالح تحقيق السلام والاستقرار الإقليمى.

خلافات استراتيجية

الخلافات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة فى ظل التنافس الطبيعى بين القوتين الأكبر فى العالم، وسعى كل منهما لترجمة هذه القوة إلى مصالح ملموسة فى نطاقها الإقليمى، وعلى المستوى الدولى عموما، لكن زيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى كانت مناسبة لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بطريقة التعامل مع هذه الخلافات من جانب الدولتين، حيث أقر وزير الخارجية الصينى بوجود اختلافات بين بلاده وأمريكا بشأن قضية بحر الصين الجنوبى، وأكد استعداد الصين لعقد حوار ضرورى مع أمريكا على أساس الاحترام المتبادل، معتبرا أن الجانبين لديهما خلفية مشتركة.

وقد برز خلال زيارة كيرى لبكين مصطلح "العلاقة الناضجة"، باعتباره النموذج المنشود للعلاقات الصينية- الأمريكية، حينما قال وزير الخارجية الصينى "إننا ملتزمون معا بالحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي وحماية حرية الملاحة وفقا للقانون الدولي، ويؤيد كلانا الحوار من أجل حل النزاعات بشكل سلمي.

واتفق كيرى مع التوجه الصينى، الذى يسعى إلى تعزيز الشراكة الصينية- الأمريكية، وقال: "فقط من خلال معالجة الخلافات يمكن العمل فعليا على تضييق الفجوة، وهذا دليل على العلاقات الفعالة".

أسباب أخرى

هذا التوتر الذى شهدته العلاقات الصينية- الأمريكية أخيرا لم يتوقف عند الحديث عن التطورات الأمنية والعسكرية الصينية ونشاطات الصين فى البحر الجنوبى، وإن كان أحد أهم الأسباب، لكنه شمل أيضا جوانب أخرى، منها التقارير التى تصدر من جهات متعددة فى الولايات المتحدة الأمريكية بشكل دورى حول أوضاع الحريات الدينية فى الصين وحقوق الإنسان، ومطالبات أمريكا للصين بالإفراج عن أشخاص تتهمهم الصين بالتجسس، وغيرها من أسباب توتر العلاقات الثنائية.

وكان أحد أسباب التوتر أيضا ما تم الكشف عنه فى أبريل الماضى من أن أجهزة استخباراتية نيوزيلندية وأمريكية خططت لاعتراض بيانات تربط منشآت حكومية صينية فى أوكلاند، وهى الخطة التى كشفتها مستندات سربها الضابط السابق فى الوكالة الأمريكية للأمن القومى إدوارد سنودن، وكانت تهدف إلى قرصنة بيانات تتدفق بين القنصلية الصينية ومكتب التأشيرات فى أوكلاند.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد اتهمت 6 مواطنين صينيين بالتجسس الاقتصادى، حيث وجهت لهم تهما بسرقة تكنولوجيا لاسلكية من شركتين، وهو ما عبرت الصين عن قلقها بشأنه.

الفناء الخلفى

وتأتى هذه المناوشات والتوترات بين الصين والولايات المتحدة فى ظل المنافسة الشديدة بين القوتين الأكبر فى العالم، ويمكن النظر إليها باعتبارها أحدى مظاهر ما يطلق عليه اللعب فى الفناء الخلفى، فبينما تبدى الولايات المتحدة الأمريكية اهتماما كبيرا بما يجرى فى بحر الصين الجنوبى، وتتواصل بشكل كبير مع فيتنام والفلبين القلقتين من التحركات الصينية فى تلك المنطقة، تنشط الصين فى أمريكا اللاتينية، وتطور علاقاتها مع دولها، خصوصا فيما يتعلق بمجالات التصنيع والاستثمارات والتبادل التجارى، فبعد ساعات من زيارة وزير الخارجية الأمريكى لبكين بدأ لى كيه تشيانج، رئيس مجلس الدولة الصينى (مجلس الوزراء) جولة فى أمريكا اللاتينية تشمل أربع دول هى البرازيل وكولومبيا وبيرو وشيلى، سيتم خلالها التوقيع على عدد كبير من اتفاقيات التعاون المشترك بين الصين وتلك الدول.

هذه العلاقات الصينية المتنامية مع دول أمريكا اللاتينية تعتبرها واشنطن لعبا صينيا فى فنائها الخلفى، وربما تكون أحد أسباب مناوشة أمريكا للصين فى البحر الجنوبى.

                                                                                                      المصدر: الأهرام

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
   الأخبار المتعلقة
الصين والولايات المتحدة يمكن أن تكونا سويا قوتين في المحيط الهادىء
وزير الخارجية الصيني: من "الضروري" أن توقع الصين والولايات المتحدة اتفاقية تسليم ثنائية
الصين والولايات المتحدة تتطلعان لإقامة شراكة بناءة
الصين والولايات المتحدة تتعاونان فى مكافحة الأمراض الوبائية فى العالم
السفير الصيني: الصين والولايات المتحدة يجب أن يتعاونا من أجل تحقيق الاستقرار والرخاء في منطقة آسيا والمحيط الهاديء
010020070790000000000000011101431342753251