ARABIC.NEWS.CN

بكين 4 إبريل 2025 (شينخوانت) في مدينة جيلجيت شمال باكستان، تقع مقبرة للشهداء الصينيين تضم رفات 88 عامل بناء صيني ضحوا بحياتهم أثناء تشييد طريق كاراكورام السريع. وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، ظل مسن باكستاني يحرس هذه المقبرة، ويصون هذا المكان الذي يرقد فيه الشهداء الصينيون بسلام، وقد أصبح هو وعائلته شهودا على الصداقة بين الصين وباكستان.
وتوجد مقبرة الشهداء الصينيين في قرية دانوال بالضواحي الشرقية لمدينة جيلجيت، على امتداد طريق كاراكورام السريع. وقال علي أحمد جانان لمراسل وكالة أنباء شينخوا إنه بعد الانتهاء من بناء المقبرة عام 1978، كان حينها في العشرينيات من عمره، وتقدم بطلب للحكومة لحراسة المقبرة طوعا. وأضاف أن العديد من عمال البناء الصينيين الذين يرقدون في المقبرة كانوا أصدقاء له. وفي ذلك الوقت، كانوا جميعا شبابا في العشرينيات من أعمارهم، ويعملون سويا في بناء الطريق خلال النهار، ويقضون الأمسيات في تناول الطعام وتجاذب أطراف الحديث معا، وهكذا نشأت صداقة بينهم. وأضاف جانان أنه أثناء مدة العمل، كانت تحدث أحيانا انهيارات أرضية وحوادث أخرى، وقد أدت هذه الحوادث إلى استشهاد بعض العمال. وأكد أن هؤلاء العمال ليسوا شهداء للصين فحسب، بل هم أيضا شهداء لباكستان، لأنهم ضحوا بأرواحهم الغالية في سبيل بناء طريق كاراكورام السريع. وأشار جانان إلى أنه بعد الانتهاء من بناء طريق كاراكورام السريع، بدأت المدارس والمتاجر والأسواق في الظهور تدريجيا على طول الطريق، ويخدم الطريق الذي بناه الشهداء الصينيون بدمائهم اليوم ملايين الباكستانيين.
وبسبب ذكرياته عن الصداقة القديمة، وشعوره بالامتنان للشهداء، ظل جانان يحرس مقبرة الشهداء الصينيين لأكثر من 40 عاما. وعلى الرغم من أنه تقاعد الآن، إلا أنه لا يزال يهتم بفعاليات إحياء ذكرى الشهداء التي تقام في يوم الصفاء (ترميم القبور) من كل عام. وفي هذا اليوم من العام الجاري، بدأ جانان الاستعداد مبكرا، حيث غطى القبور بالعلم الوطني الصيني، ووضع زهورا بيضاء على شواهد القبور، تعبيرا عن حزنه الشديد.
وأوضح جانان أن المقبرة كانت مهجورة في بداية إنشائها، وقد واجه العديد من الصعوبات في حراستها، ولكنه كان واثقا بأنه لا يحرس مجرد مقبرة، بل يحرس أيضا الصداقة العميقة بين الصين وباكستان. وفي منزل جانان، يعرض على جدار جميع الجوائز التي حصل عليها تقديرا لجهوده في حراسة المقبرة، بما في ذلك "جائزة الصداقة للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي" التي منحتها له الحكومة الصينية.
وعلى مر السنين، كان يرافقه في حراسة المقبرة شخص آخر يدعى علي مداد. واليوم، بعد أن تقدم جانان في السن وتوفي مداد، لم تنته مهمة الحراسة، فقد أصبح ابنا الرجلين الجيل الجديد من حراس المقبرة، وهما يأملان في مواصلة تحمل هذه المسؤولية. وقال منصور حسين، ابن علي مداد، إنه سمع من والده منذ صغره قصصا عن عمال البناء الصينيين وصداقته معهم، وإنه متأثر بشدة، ويشعر بالامتنان الخالص لعمال البناء الصينيين على إسهاماتهم الكبيرة في دعم التنمية الباكستانية، ويأمل في أن يكون شاهدا على كتابة فصل جديد في قصة الصداقة بين الصين وباكستان. وقال عارف حسين، ابن علي أحمد جانان، إن عمال البناء الصينيين الذين يرقدون في المقبرة ضحوا بحياتهم من أجل تنمية باكستان، وسيحل محل والده المسن في حراسة المقبرة معربا عن أمله في توريث هذا العمل ذي الأهمية الكبيرة لجيل جديد في المستقبل.