بكين 26 يوليو 2015 (شينخوا) في الوقت الذي يحيي العالم فيه الذكرى الـ70 لتوقيع إعلان بوتسدام عام 1945 اليوم (الأحد)، يرى خبراء أن الإحياء له أهمية واقعية كبيرة في ظل الوضع الدولي الحالي.
ويعد الاعلان ، الذي وضع نهاية لجرائم اليابان العدوانية خلال الحرب العالمية الثانية وحدد المبادئ التي ينبغي على اليابان أن تتصرف بموجبها بعد الحرب، يعد وثيقة مهمة لإرساء الأساس للنظام العالمي لفترة ما بعد الحرب وحماية السلام في آسيا وبقية المناطق في العالم.
علاوة على ذلك، يشكك البعض حاليا في إنجازات الحرب العالمية الثانية في الوقت الذي يمرر فيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي مشروع قانون أمني، قد يخفف تقييد قدرات اليابان العسكرية، بغض النظر عن المعارضة العامة الشديدة.
وضمن هذا السياق، قال خبراء لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إحياء الذكرى الـ70 لتوقيع إعلان بوتسدام له أهمية واقعية كبيرة.
وقال شيي كازو، رئيس الحزب الشيوعي الياباني، إنه فوجأ بعدم قراءة آبي للإعلان بعناية --وهو وثيقة تاريخية مقتضبة تحدد نقطة البدء بعملية تأسيس الديمقراطية في اليابان لفترة ما بعد الحرب.
وأوضح كازو أن "رئيسا للوزراء لم يقرأ الاعلان بعناية ليس مؤهلا للمنصب".
كما قال فوميو سايتو، الأستاذ الفخري بجامعة كيوشو، إن الوثيقة لا ترسي أساسا للنظام العالمي لفترة ما بعد الحرب، المتميز بالديمقراطية وعدم السعي للعسكرة فحسب، بل تعد بداية لليابان كدولة ديمقراطية، مضيفا أنه ليس مقبولا إطلاقا لبعض السياسيين أن يسعوا الى تغيير كبير في السياسة الأمنية اليابانية من خلال انتقاد الوثيقة.
وقال اندري ايفانوف، باحث كبير في مركز شرق آسيا ودراسات منظمة شانغهاي للتعاون في معهد موسكو للعلاقات الدولية في روسيا، إن الوثيقة، التي طالبت اليابان باستسلام غير مشروط، جددت التأكيد على المبادئ الأساسية التي حددت في إعلان القاهرة لعام 1943، واعتبرت بمثابة وثيقة دولية مهمة والتي أرست أسس الحفاظ على النظام العالمي لفترة ما بعد الحرب.
لذلك، يحمل إحياء الذكرى الـ70 لتوقيع الإعلان أهمية جديدة وواقعية، في وقت يشكك فيه بعض السياسيين في اليابان في نتائج الحرب العالمية الثانية.
وقال محمد عبد الوهاب الساكت، السفير السابق لجامعة الدول العربية لدى الصين وباحث في مركز دراسات الصين بجامعة حلوان في مصر، إن إعلان بوتسدام وإعلان القاهرة لهما أهمية كبيرة في تعزيز السلام العالمي وحماية النظام العالمي لفترة ما بعد الحرب.
وبسبب الترويج فقط لإعلان بوتسدام وغيرها من الوثائق القانونية، فقد شكلت العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية، في أنحاء العالم، بقصد نشر مفهوم السلام وتعزيز التنمية والتقدم وحماية النزاهة والعدالة.
مع ذلك، أشار الساكت إلى أن روح هذين القانونين الدوليين بعيدة عن أن تكون مطبقة بشكل كاف، ويجب على الدول في العالم، وخاصة القوى الغربية، أن تتخلى عن معاييرها المزدوجة عندما تتعامل مع قضايا عالمية، وأن تبذل جهودا ملموسة لملئ فجوة الدخل بين الأغنياء والفقراء في العالم وتعزيز تنمية البشر.
وفي حين شدد تسينغ هوى-يي، الباحث بمعهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، على أهمية الوثيقتين، قال إن اليابان قد خالفت التعريف المنصوص عليه في الوثيقتين لدولة اليابان لفترة ما بعد الحرب، ورفضت إبداء الندم إزاء الجانب الأسود من تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية، معتبرا إنه أمر خطير جدا بالنسبة لآبي سعيه لتخفيف القيود المفروضة على الدستور السلمي في الوقت الذي لا يعرف فيه الكثير من الشعب الياباني سوى القليل عن تاريخ البلاد بسبب النقص في التثقيف التاريخي.
وأضاف تسينغ أنه من الطبيعي جدا أن تقلق الدول الأخرى في جنوب شرق آسيا إزاء محاولة اليابان الشروع مرة أخرى في مسارها القديم باتجاه العسكرة، إذ أن البلد لا تفكر مليا في ماضيها وترجع أسباب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية الى عجز الدفاع الذاتي.
وقال تيري تشارمان، المؤرخ الكبير في متحف الحرب الامبراطورية في لندن، لوكالة انباء ((شينخوا)) إنه مندهش بأن اليابان كانت "ذات نزعة عسكرية وعدوانية في سياستها الخارجية، مع قيام الجيش بالتحكم بكل شيء تقريبا في اليابان في الفترة ما قبل الحرب، وبالتأكيد خلال الحرب"، مضيفا أن إعلان بوتسدام طالب اليابان باستسلام غير مشروط، مع حرمانها من قدراتها العسكرية.
وقال إن "العائق مع اليابان أنه في حين يعترف الألمان بشكل كامل بالمحرقة والجرائم الأخرى التي ارتكبها نظام الحكم النازي في ألمانيا، فإن الأمر ليس كذلك في حالة اليابان، وأعتقد أن موقفهم بذلك الوقت وهو (لقد هزمنا في الحرب، ولنتقدم وألا نصغي إلى الماضي)، أعتقد أن هذا الموقف يتزايد في اليابان لأنهم ربما لا يرون أنفسهم كـ (مذنبين)".