بكين 11 سبتمبر 2015 (شينخوا) إن زيارة الدولة المقرر أن يقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينغ للولايات المتحدة في وقت لاحق من الشهر الجاري تلبية لدعوة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتلقى حقا أنظار العالم حيث تكتسب هذه الزيارة أهمية بالغة في ضوء كونها حاسمة لتخطيط مسار العلاقات الصينية - الأمريكية المستقبلية بعدما ولجت العلاقات الثنائية مرحلة تاريخية جديدة.
وقد صدرت تصريحات عدة حول اللقاء المنتظر بين الرئيسين الصيني والأمريكي، كان من بينها تصريح السفير الصيني لدى الولايات المتحدة تسوي تيان كاي مؤخرا بأن الإعداد للزيارة يجرى على قدم وساق وبأنها ستخرج بـ"نتائج مبهرة". وهذا ما أثار توقعات وتطلعات عدة في بقاع العالم تجاه زيارة شي للولايات المتحدة.
التطلع الأول: أن تعيد الزيارة نموذج اللقاء الذي تم "دون ربطة عنق" في منتجع صني لاندز بولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 2013 والمحادثات التي جرت في مجمع تشونغنانهاي مقر القيادة العليا بوسط بكين عام 2014. هذا النموذج الفريد من التفاعل بين زعيمي البلدين الذي صار علامة مميزة للعلاقات الجديدة بين القوى الكبرى ومن شأنه أن يسهم في تعميق التفاهم والصداقة المتبادلة. فهذا النوع من الحوار بين الرئيسين الصيني والأمريكي يلعب من ناحية دورا لا غنى عنه في توسيع التعاون وتعزيز الثقة المتبادلة وإدارة الخلافات ومراقبتها بشكل فعال ويساعد من ناحية أخرى على حصد مزيد من النتائج الملموسة في العلاقات الجديدة بين الصين والولايات المتحدة.
التطلع الثاني: أن تربط الزيارة بين الماضي والمستقبل. ومع تحمل الصين باعتبارها أكبر دولة نامية والولايات المتحدة باعتبارها أكبر دولة متقدمة لمسؤوليات مشتركة، تقف العلاقات بين البلدين عند نقطة بداية تاريخية. فالتخطيط للمستقبل، الذي يبحر بسفينة العلاقات الصينية- الأمريكية في الاتجاه الصحيح، يرتبط ارتباطا وثيقا بمستقبل البلدين ومصالح الشعبين ويؤثر أيضا تأثيرا عميقا على الوضعين الإقليمي والدولي.
التطلع الثالث: أن تحدد الزيارة كيفية الجمع والطرح في العلاقات الصينية- الأمريكية. ويعنى الجمع جملة أكثر من الفوائد التي يعود بها التعاون بين الصين والولايات المتحدة على البلدين والعالم بأسره. أما معنى الطرح فهو الحد من الخلافات البينية وحلها. فالتعاون لابد أن يصبح الاتجاه الرئيسي للعلاقات الصينية - الأمريكية. أما قضايا أمن الفضاء الإلكتروني وحقوق الإنسان وبحر الصين الجنوبي وغيرها من القضايا الساخنة والصعبة، لا تعد سوى فصل صغير في العلاقات الثنائية وينبغي إيجاد أسلوب وحل مناسبين للتعامل معها. وإلا فإن هذه المشكلات ستثير ضجيجا وتنقل رسائل مضللة إلى العالم الخارجي تجعله يسيء تقييم العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
ولا شك أن التقدم الذي تجسد في تعزيز التجارة الثنائية والتعاون في الشؤون الدولية وتقوية العلاقات العسكرية يبرهن على أن النمط الجديد من العلاقات بين الدول الكبرى، الذي اتفق الرئيسان شي وأوباما على بنائه خلال القمة غير الرسمية في كاليفورنيا لترسيخ العلاقات الثنائية، سيعود بالفائدة على الصين والولايات المتحدة والعالم برمته.
واتضح جليا في الآونة الأخيرة الاهتمام الكبير الذي يوليه البلدان لهذه الزيارة، إذ أرسلت الولايات المتحدة مجموعة من المسؤولين إلى بكين، بما فيهم مستشارة الأمن القومي الأمريكية سوزان رايس ومساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شرق آسيا والباسيفيك دانييل روسل لإجراء محادثات مكثفة مع الجانب الصيني. كما سترسل الصين أيضا مسؤولين إلى واشنطن للتباحث مع الجانب الأمريكي بشأن الزيارة. وتجرى الأعمال التحضيرية من قبل الجانبين على قدم وساق لضمان تكلل زيارة الرئيس شي بالنجاح.
بيد أنه تجدر الإشارة في الوقت ذاته إلى أن الزيارة تتزامن مع موسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لذا ستكون العلاقات الصينية - الأمريكية محط جدل داخل الرأي العام الأمريكي الذي باتت بيئته أكثر تعقيدا، بالإضافة إلى التأثيرات الجانبية التي قد تتركها الشؤون الداخلية لكل من البلدين على العلاقات الثنائية، وهذا يعني أن الزيارة لن تكون سهلة.
ومع ذلك، يتوقع العالم أن يعطى اللقاء بين الرئيسين الصيني والأمريكي زخما كبيرا للعلاقات الثنائية ومزيدا من الثقة العالمية في مواجهة التحديات المعقدة.
ومن واقع التجرية التاريخية، كلما كان الوقت حرجا، ينبغي تعزيز الثقة والاخلاص والتصميم على مواجهة الصعوبات بين بكين وواشنطن. فعلى سبيل المثال، استطاعت زيارة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون إلى الصين في عام 1972 وزيارة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني آنذاك دنغ شياو بينغ للولايات المتحدة في عام 1979، وهما زيارتان إستراتيجيتان بغض النظر عن الأقاويل التي دارت حولهما في تلك الحقبة، استطاعتا تطبيع العلاقات الثنائية وتحسينها في مرحلة تاريخية حرجة وجلبتا للشعبين والعالم العديد من "المفاجآت". لذا، فإن زيارة الرئيس شي المرتقبة للولايات المتحدة ستقدم للعالم "مفاجأة" بكل تأكيد.
الصين والولايات المتحدة تتعهدان بإقامة تعاون أوثق فى مجال تغير المناخ |
الصين والولايات المتحدة تتعهدان بإقامة تعاون أوثق فى مجال تغير المناخ
|
رئيس مجلس الدولة الصيني يلتقي برئيس وزراء منغوليا
|