بكين أول نوفمبر 2015 (شينخوا) في الوقت الذي يسعى فيه رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ إلى ضخ قوة دفع جديدة في التعاون بين الصين وكوريا الجنوبية خلال زيارته الجارية لسول، أصبحت الجارتان أكثر ثباتا في تعميق تعاونهما ومواصلة دمج إستراتيجياتهما التنموية.
وقد برهنت عقود من التعاون الاقتصادي السلس والمثمر، يدعمها إبرام اتفاقية تجارة حرة وانضمام كوريا الجنوبية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، برهنت على التكاملية العالية بين الاقتصادين وقدرة المبادرات الصينية على قيادة أو دفع التنمية في مجالات أخرى مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ومبادرة "الحزام والطريق".
وأعرب خبراء عن اعتقادهم بأنه ارتكازا على الدبلوماسية الاقتصادية متعددة الأبعاد التي تنتهجها الصين والحجم الكبير للسوق الصينية، ستظل المبادرات التي اقترحتها الصين تعود أيضا بالفائدة على المناطق ككل مثل كوريا الجنوبية التي تضمن لها مشاركتها الفاعلة في تلك المبادرات أن تحتل مركزا في الصدارة عند جنى تلك الفوائد، وبهذا تصبح أقرب إلى تحقيق رؤيتها الاقتصادية الخاصة.
-- مبادرات تقوم على الكسب المتكافئ والإنصاف
انضمت كوريا الجنوبية على ما يبدو إلى جميع المشروعات العالمية التي تقودها الصين من أجل التكامل الاقتصادي بما في ذلك البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية فضلا عن اتفاقية التجارة الحرة الثنائية لتلحق بركب الاقتصاد الصيني الذي يعد أحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم، هكذا ذكر هان جاي- جين الباحث الزميل في معهد هيوند للأبحاث لوكالة أنباء ((شينخوا)).
وقال الخبراء إن الجاذبية والشعبية التي تحظى بها المبادرات الصينية تنبثق أساسا عن طبيعتها القائمة على الإنصاف والكسب المتكافئ.
ورغم كونها محاطة بعدد كبير من الجيران في المشهد الجيوسياسي الأكثر تنوعا وتعقيدا في العالم،تلتزم الصين بسياسة خارجية تقوم على حسن الجوار ودبلوماسية اقتصادية متعددة الأبعاد تتطلع إلى تحقيق دمج أفضل لإستراتيجياتها التنموية مع جيرانها والعالم.
وقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في مارس الماضي، وهو يضرب مثالا بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ومبادرة "الحزام والطريق"، أكد أن "الحزام والطريق" والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية مبادرتان مفتوحتان. وإن الصين ترحب بمشاركة جميع الدول الواقعة على طول الطريقين وفي آسيا فضلا عن الأصدقاء والشركاء حول العالم، مشاركتهم بصورة فاعلة في هذه المبادرات.
وقال تشو شاو جيه نائب مدير مركز الدارسات الصينية بجامعة ملبورن إن "الصين تعمل جاهدة لتسهيل الاستقرار الاقتصادي في آسيا والباسيفيك وكذا في العالم، وتشارك بنشاط في الحوكمة العالمية وبناء اقتصاد عالمي مفتوح".
وبفضل إنتهاج الصين لسياسة خارجية تقوم على حسن الجوار ودبلوماسية اقتصادية متعددة الأبعاد، قوبلت المبادرات الصينية بترحيب حار من قبل المنطقة والعالم برمته.
ومن خلال تلك المبادرات، تدمج الصين تدريجيا إسترتيجيتها التنموية مع الإستراتيجيات التنموية لجيرانها، الأمر الذي يمهد الطريق للتنمية المشتركة في شرق آسيا.
-- ضخ قوة دفع في اقتصاد كوريا الجنوبية
إن التعافي الفاتر للاقتصاد العالمي أدى إلى تثبيط قوة الدفع المتنامية لاقتصاد كوريا الجنوبية وأضعف من مميزاته التنافسية في مجالات مثل الصلب وصناع الألياف والمنتجات الإلكترونية، حيث يعتمد هذا البلد بشدة على الصادرات.
وسوف يساعد الانضمام إلى مبادرات اقترحتها الصين مثل "الحزام والطريق" سيساعد كوريا الجنوبية على استعادة مميزاتها في البنية التحتية وصناعة الآلات ، وتوسيع مشروعاتها الخارجية وصادراتها من الآلات، وتحفيز نموها الاقتصادي ، على حد قول الخبراء.
وذكر ياو شو مي الباحث باللجنة الأكاديمية للجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح أن كوريا الجنوبية تستطيع، من خلال تدعيم علاقاتها مع الدول الواقعة بطول طريقي الحرير، توسيع أسواقها الخارجية وتعزيز سوقها المحلية.
وأضاف الباحث "ويمكنها أيضا اغتنام الفرص لرسم ملامح روابط صناعية والحصول على فوائد طويلة الأجل من استثماراتها الخارجية المباشرة (المتجهة إلى الدول الواقعة على الطريقين)".
وشاطرة الرأى تماما لي تيان قوه، الباحث بالمعهد الوطني للإستراتيجية الدولية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، قائلا إن مبادرة "الحزام والطريق" الصينيتين يمكن أن تساعدا كوريا الجنوبية على تعزيز تعاونها وتبادلاتها مع الصين وغيرها من دول الجوار.
وقال إن كوريا الجنوبية تعتمد أيضا إستراتيجية "التوجه للعالمية" بالنسبة لشركاتها. ومن ثم، من المأمول في كوريا الجنوبية أن تتيح مبادرة "الحزام والطريق" مزيدا من الفرص للشركات الكورية.
وعلاوة على ذلك، أعرب خبراء عن اعتقادهم بأن كوريا الجنوبية، التي تواجه عبء ديونها المتزايدة، تأمل في حل مشكلتها المالية على الصعيدين الداخلي والخارجي، والحصول على معلومات هامة لدخول أسواق ثالثة، وتعزيز علاقاتها مع الصين وغيرها من دول الجوار -- وكل ذلك من خلال البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
وشدد لي كه تشيانغ على أن مشاركة كوريا الجنوبية النشطة في مبادرة "الحزام والطريق" وفي إدخال عمل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية حيز التنفيذ أمران مهمان للغاية بالنسبة لتعزيز اقتصادها الراكد.
وقال الباحث ياو شو مي إنه داخل إطار المبادرات الصينية، يمكن للصين وكوريا الجنوبية إعطاء دفعة لتعاونهما في صناعات مثل الطاقة الخضراء، وحماية البيئة،والجيل الثاني من تكنولوجيا المعلومات، والتكنولوجيا الحيوية، والآلات الهندسية المتطورة، والطاقة المتجددة، والسيارات الخضراء.
وسوف تزداد العلاقات بين الصين وكوريا الجنوبية، التي شرعت في المضي على مسار سريع من التنمية، تدعيما من خلال زيارة رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ التي تعد أول زيارة رسمية يقوم بها لجارة الصين هذه منذ توليه مهام منصب رئيس مجلس الدولة في عام 2013.
ومن خلال تعاونهما الشامل المتزايد، يمكن أن يتوقع الجانبان أن تلعب المبادرات الصينية دورا أكبر في تعزيز اقتصاد كوريا الجنوبية وتحقيق رؤيتها الاقتصادية.
رئيس مجلس الدولة الصيني يصل إلى سول في زيارة إلى جمهورية كوريا ولحضور قمة صينية- يابانية- كورية جنوبية |
الصين وجمهورية كوريا تتعهدان بتعزيز التعاون البراجماتي بينهما |