بكين 19 يناير 2016 (شينخوا) ستبدأ زيارات الرئيس الصيني شي جين بينغ في العام الجديد من الدول العربية حيث سيقوم بأول زياراته الرسمية في العام الجديد لكل من السعودية ومصر إلى جانب إيران في الفترة ما بين يومي 19 و23 يناير الجاري.
وتجسد زيارة الرئيس شي للسعودية ومصر المكانة البارزة للدول العربية في الدبلوماسية الشاملة ذات الخصائص الصينية التي طرحها الرئيس شي في 2014.
وفي إطار هذا المفهوم الدبلوماسي الجديد،استقبلت الصين عددا من الشخصيات السياسية الدولية البارزة في العام السابق بينما قام القادة الصينيون بزيارات مكوكية لمختلف الدول. وبذلك حصدت الدبلوماسية الصينية الشاملة انجازات مرموقة.
وفي العام السابق، أقامت الصين احتفالات لإحياء الذكرى السبعين لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد الغزاة اليابانيين وانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية وخاصة العرض العسكري الذي أقيم في بكين بحضور عدد من الشخصيات الدولية البارزة مثل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وفي الوقت ذاته، بادر القادة الصينيون إلى القيام بزيارات خارجية للدول الواقعة في القارات المختلفة عام 2015.
وفي آسيا، قام الرئيس شي جين بينغ بزيارة دولة لكل من باكستان وفيتنام وسنغافورة بينما قام رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ بزيارة ماليزيا.
وفي أوروبا، قام الرئيس شي بزيارة لروسيا، إلى جانب زيارته الرسمية لبريطانيا التي لفتت أنظار العالم. وأتت هذه الزيارات بعد زياراته المكثفة لعدد من الدول الأوروبية في 2014. بينما قام رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ بزيارة رسمية لكل من بلجيكا وفرنسا في 2015.
أما بالنسبة إلى القارة الأمريكية قام الرئيس شي بأول زيارة رسمية للولايات المتحدة بعد توليه منصب الرئيس لتوثيق العلاقات بين الاقتصادين الأكبر في العالم. فيما أجرى لي كه تشيانغ زيارة لأربع دول من أمريكا اللاتينية ألا وهي البرازيل وكولومبيا وبيرو وتشيلي.
واختتم القادة الصينيون زياراتهم الخارجية في القارة الإفريقية بعد أن قام الرئيس شي بزيارة لكل من زيمبابوي وجنوب إفريقيا في ديسمبر الماضي.
ويتضح أن الصين تركز على التوازن والشمولية في الأعمال الدبلوماسية على نحو أكبر. وعلى ضوء هذا،من المنطقي أن تعير الصين اهتماما بالغا للدول العربية التي تحتل مكانة مهمة في العالم. لذا يبدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ أنشطته الدبلوماسية في السنة الجديدة بزيارة السعودية ومصر إلى جانب إيران.
في الواقع ظل القادة الصينيون مهتمين بتطوير العلاقات الودية مع الدول العربية. وعلى خلفية الظروف الجديدة، أضفت القيادة الصينية الجديدة على العلاقات الثنائية رؤية جديدة.
ومن المعروف أن الصين حريصة على إقامة شراكات مع الدول المختلفة، إذ أقامت شراكات على مختلف الأشكال مع ما يزيد عن 70 دولة وعدد من المنظمات الإقليمية حتى نهاية 2014.
وفي هذا الشأن، شهدت الشراكة بين الصين والدول العربية تطورا سريعا جدا بالسنوات الأخيرة. فمنذ عام 2012، أقامت الصين شراكة مع عدد من الدول العربية حيث أقامت شراكة إستراتيجية مع الإمارات وقطر في 2012، ثم مع السودان والعراق في عام 2015.
ومن الجدير بالذكر إن الصين أقامت شراكة إستراتيجية شاملة مع الجزائر في بداية 2014، ثم قامت بترقية علاقات التعاون الإستراتيجية بينها وبين مصر التي كانت قد أقيمت في عام 1999 إلى شراكة إستراتيجية شاملة في نهاية عام 2014.
وفي تطور آخر، قبل زيارة الرئيس شي للسعودية ومصر، أصدرت الحكومة الصينية وثيقة رسمية هي الأولى من نوعها حول سياسة الصين تجاه الدول العربية، استعرضت من خلالها الروابط التاريخية التي تجمع الصين بالدول العربية، والسياسات ومجالات وآفاق التعاون المشترك .
وبحسب الوثيقة، تحرص الصين على تعزيز التبادل رفيع المستوى بينها وبين الدول العربية في المجال السياسي وذلك من خلال الحفاظ على زخم التبادل والحوار على المستوى الرفيع بين الجانبين الصيني والعربي، ومواصلة تعزيز بناء آليات التشاور والتعاون بين الحكومات، والتواصل بين الأجهزة التشريعية والأحزاب السياسية والحكومات المحلية فضلا عن التنسيق في الشؤون الدولية.
كما تهتم الصين بمقتضى الوثيقة بتعزيز التعاون مع الجانب العربي في مجال الاستثمار والتجارة ومجال التنمية الاجتماعية ومجال التواصل الإنساني والثقافي.
من جانبه، يهتم الرئيس الصيني شي جين بينغ بتطوير العلاقات الودية مع الدول العربية جدا حيث دعا في حفلة افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي المقام في بكين يونيو 2014، دعا في كلمته إلى تشكيل معادلة التعاون "1+2+3" المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كمحور رئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين و3 مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة كنقاط اختراق في التعاون. وبذلك يبرز اتجاه التعاون الصيني العربي في الظروف الجديدة.
وبالتوازي مع تطوير العلاقات الشاملة مع الدول العربية، لم تكن الصين مكشوفة الأيدي تجاه الفوضى في العالم العربي خاصة أزمة سوريا المحتدمة.
ففي هذا الصدد، ظلت الصين تلعب دورا بناء تجاه أزمة سوريا كي تضع الحرب أوزارها في أسرع وقت في هذه الدولة العربية الممزقة حيث لم تبخل الصين بجهدها للدعوة إلى إيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة بين الأطراف المعنية.
وفي إطار الجهود الدؤوبة من الصين، قام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة للصين في نهاية ديسمبر الماضي. ثم تلاه وفد برئاسة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد خوجة لزيارة الصين في بداية يناير الجاري. ولاقت الجهود الصينية تقديرا من المجتمع الدولي والعالم العربي كذلك.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الصين على دفع العلاقات مع العالم العربي، أعارت الدول العربية اهتماما كبيرا أيضا لتعزيز التبادل والتواصل مع الصين في شتى المجالات.
وفي السنوات الأخيرة، قام بعض القادة والمسؤولين الكبار من عدة الدول العربية مثل الكويت والسعودية والإمارات ومصر والعراق بزيارات للصين.
ففي ديسمبر 2014، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة دولة للصين، من ثم زار الصين للمرة الثانية في سبتمبر 2015 لحضور العرض العسكري الصيني بمناسبة الذكرى السبعين لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد الغزاة اليابانيين.
من جانبه قام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بزيارة للصين في نهاية ديسمبر الماضي وأقامت الدولتان في فترة زيارة العبادي الشراكة الإستراتيجية .
وفي سياق آخر، أظهرت الدول العربية إقبالا ودعما لمبادرة الحزام والطريق الصينية مشيرة إلى أن هذه المبادرة الطموحة سترتقي بالتعاون العربي الصيني في مختلف المجالات .
وفي هذا الشأن، أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن اهتمام مصر بتعزيز التعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق كونها ستجلب فرصا تنموية ضخمة لمصر.
وقال الرئيس السيسي إن مصر قوة مهمة لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق بفضل مكانتها المميزة في العالم العربي والقارة الإفريقية. لذلك ستبذل مصر كل ما في وسعها لدفع تنفيذ المبادرة.
وبدوره قال رئيس الوزراء العراقي العبادي في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء شينخوا على هامش منتدى التعاون الاقتصادي العراقي الصيني الثاني المقام في بكين في ديسمبر الفائت إن مبادرة الحزام والطريق مهمة وحيوية جدا بالنسبة إلى العراق التي ستخلق فرصا جديدة لتعزيز التعاون بين العراق والصين.
وفي ظل التطور السريع والمستقر للعلاقات الصينية العربية، تعتبر الصين الدول العربية كجزء مهم لدبلوماسيتها الشاملة فيما يتطلع العالم العربي إلى تعزيز التعاون مع الصين في سبيل دفع النمو الاقتصادي والاجتماعي المحلي. وعلى ضوء هذا، تتيح زيارة الرئيس شي فرصة سانحة لتحقيق هذه الأهداف .
صحفية الرياض السعودية تنشر مقالة موقعة بقلم الرئيس الصيني بعنوان ((شريكان عزيزان نحو التنمية المشتركة)) |
صحيفة الشعب اليومية: الصين ودول الشرق الأوسط تواجه فرصا تاريخية في التعاون |