بكين 23 يناير 2016 (شينخوا) ستنطلق امكانيات تعاون هائلة بين الصين والشرق الأوسط عن طريق دمج إستراتيجيات تنمية الطرفين أكثر بفضل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الحالية.
وساعدت رحلة شي لثلاث دول التي ذهب خلالها إلى السعودية ومصر وإيران في ربط إستراتيجية انفتاح الصين على الغرب وسياسة شركائها في الشرق الأوسط للتوجه شرقا، في خطوة رفعت العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد وجلبت حيوية لتفاعلهم.
ويوفق الجانبان بين احتياجاتهما من خلال دمج خطط التنمية الخاصة بهما ليتشكل نموذج يعزز التعاون في مجالات من بينها الطاقة والقدرة الإنتاجية والتكنولوجيا الفائقة.
التعاون في الطاقة أكبر من مجرد نفط
لعب الشرق الأوسط دورا أساسيا في إمداد العالم بالنفط إذ أنه يمتلك حوالي ثلث إنتاج النفط في العالم الآن.
وشهدت الأعوام الأخيرة تطبيقا قويا لإعادة الهيكلة الاقتصادية في الصين وسعى الشرق الأوسط لبناء محركات جديدة لقطاع الطاقة الخاص به.
ومكن التكامل القوي بين الصين والشرق الأوسط في الاقتصاد والتجارة ثاني أكبر اقتصاد في العالم والمنطقة الغنية بالنفط من إقامة علاقات مستقرة في التعاون الإستراتيجي في مجال الطاقة.
وقال الرئيس الصيني شي خلال اجتماعه الذي عقده يوم الثلاثاء الماضي مع عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إن الصين مستعدة لتأسيس تعاون شامل في الطاقة مع دول الخليج العربية وتقديم سوق طاقة طويل الأمد ومستقر وقوي للمجلس الذي يضم ست دول أعضاء.
وقال وانغ تشيونغ الباحث في معهد دراسات غرب آسيا والدراسات الإفريقية في الأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية إن تقوية التعاون في الطاقة ستدعم تنمية الصين والشرق الأوسط وستؤدي إلى تنوع التبادلات الاقتصادية بينهما.
ووضع الجانبان أطر عمل متعددة الاطراف عديدة حتى الآن ومن بينها مؤتمر التعاون في الطاقة بين الصين والدول العربية والحوار الإستراتيجي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي.
وتهدف هذه الآليات لتسهيل التعاون الذي أعطى الأولوية لدعم الترابط بين الصين والشرق الأوسط ودعم الجهود لبناء ممر إقليمي يمثل تنمية مشتركة للطاقة وشبكة خطوط أنابيب للنفط والغاز.
وقال لي شاو شان مدير معهد بحوث الصين والدول العربية في جامعة نينغشيا إن الجانبين تواصلا مع بعضهما البعض بشكل أكثر في قطاع الطاقة.
ويجب على سلسلة تزويد الإنتاج التي اسستها الصين والشرق الأوسط ان تخرج المنطقة من التراجع الذي تشهده حيث تستمر أسعار النفط العالمية في الهبوط.
وستمكن تلك السلسلة المنطقة من ان يكون لها صوت أقوى على ساحة الطاقة الدولية وستضمن بيئة مستقرة طويلة المدى في الشرق الأوسط لبناء آلية تنمية الطاقة الخاصة بها.
وقال وانغ إن الشرق الأوسط سيكون قادرا على تحقيق تنمية مستدامة في قطاع الطاقة عن طريق تمديد سلسلة صناعة الطاقة الخاصة به وتحديث عملها وتحسين التقنيات.
مبادرة "الحزام والطريق" تلهم التعاون في القدرة الإنتاجية
يمتد طريقا الحرير البري والبحري عبر قارة أوراسيا لتصلا إلى الشرق الأوسط حيث أصبحت الدول الثلاث التي استضافت شي وهي السعودية ومصر وإيران من شركاء التعاون المهمين الذين شاركوا بفاعلية في الرؤية الإستراتيجية التي طرحتها الصين.
وقال ياو كوانغ يي السفير الصيني السابق لدى تركيا إن هذه الدول كانت تضع خطط التنمية الاقتصادية الخاصة وسط مشاكل اقتصادية وإجتماعية متعددة من أجل تسريع التصنيع، وكانت تفتح نافذة للتعاون في القدرة الإنتاجية مع الصين.
وأضاف ياو أن دول الشرق الأوسط أظهرت اهتماما كبيرا بنموذج التنمية الصيني ودعمها المالي والتكنولوجي في ضوء نمو العملاق الآسيوي السريع وبدأت إستراتيجية الاتجاه شرقا.
وفي السعودية شهد التعاون في مجال القدرة الإنتاجية بين عملاق إنتاج النفط وأكبر اقتصاد نامي في العالم بالفعل نتائج متبادلة المنفعة في وقت مبكر.
وأظهرت الأرقام أن حوالي 160 شركة صينية استثمرت في السعودية في مجالات من بينها السكك الحديدية وبناء وحدات سكنية وموانئ ومحطات للطاقة ووسائل اتصالات.
وقال شوه تشينغ قوه مدير قسم اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين إن قوة الصين في القدرة الإنتاجية من الممكن تكون مكملة للشرق الأوسط في هذا الشأن.
وأضاف أن تعاونهما في القدرة الإنتاجية سيسهم بشكل بارز في التنمية الصناعية وخلق فرص عمل وتحسين الظروف المعيشية للأفراد في الشرق الأوسط.
ومن المتوقع أن تكون هناك مصادر جديدة للنمو الاقتصادي وفرص عمل وموارد جديدة للتنمية بالاضافة إلى قوى محركة للنمو الداخلي وقدرات على مقاومة المخاطر عن طريق الجهود المشتركة التي تبذلها الصين والشرق الأوسط من أجل دعم تنمية البنية الأساسية في المنطقة.
وقال نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية للصحفيين إن التعاون مع الصين في مبادرة الحزام والطريق سيعود بالنفع على جميع الدول العربية.
وأضاف العربي أن الدول العربية مستعدة لتأسيس علاقات تعاون إستراتيجية مع الصين.
آفاق جديدة متوقعة
ثمة آفاق واسعة تنتظر التعاون بين الصين والشرق الأوسط في مجال التكنولوجيا الجديدة والمتقدمة.
وبدأت مصر في بناء برنامج "ممر قناة السويس الجديدة الاقتصادي" المركز على التكنولوجيا العالية بعد توسيع القناة العالمية الشهيرة.
وتم تصميم المشروع الكبير لتحويل ضفة القناة التي يبلغ طولها 190 كيلومترا إلى منطقة اقتصادية عالمية مع سلسلة من المناطق الصناعية، ليخدم كجسر يربط آسيا وأفريقيا مثل مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
وقال فخري الفقي وهو محلل اقتصادي مصري ومساعد سابق للمدير التنفيذي لصدوق النقد الدولي إن الصين بدون شك ستصبح أحد أهم شركاء مصر في الممر الاقتصادي.
وتطلع الفقي إلى دمج الموارد المالية لدول الخليج ومميزات الصين التكنولوجية من أجل دعم التعاون المصري مع الصين والدول المجاورة لها.
ونقطة الاتصال بين المبادرتين هي منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر التي تبلغ مساحتها 1.34 كيلومتر مربع.
وجلب المشروع الذي مولته الصين منذ ان بدأ تأسيسه في عام 2008 مشاريع متطورة وحديثة مشتركة في مواد جديدة وتصنيع عالي المستوى علاوة على أشياء أخرى.
ومن خلال بناء منطقة توسع تبلغ مساحتها ستة كيلومترات مربعة ستضم المنطقة الاستثمارية المزيد من شركات الصناعة الرائدة ومن بينها تشاينا جلاس وينغلي سولار حيث تستعد لتتطور إلى مثال ممتاز للتعاون متبادل النفع بين الصين ومصر.
وقال محمد حسن وهو مشرف مصري على مشروع التوسع لوسائل الإعلام إن التكنولوجيا الصينية المتقدمة والخبرات الإدارية ستدعم تنمية الاقتصاد المصري بشكل قوي.
وبالنسبة لإيران فإن العقوبات الغربية التي تم فرضها عليها لمدة حوالي عشرة سنوات بسبب برنامجها النووي أدت إلى حدوث خسائر كبيرة في الجمهورية الاسلامية. لكن نظامها الصناعي في الحقيقة هو الأكثر اكتمالا في الشرق الأوسط وقد يضع أساسا قويا لتعاونها مع دول أخرى.
وقال خه ون بينغ الباحث في معهد دراسات غرب آسيا والدراسات الإفريقية في الأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية إن رفع العقوبات من الممكن أن يدعم بشكل كبير الاقتصاد الإيراني.
وجاءت زيارة شي بعد ايام منذ أن بدأت الاطراف المعنية في تطبيق الاتفاق النووي الإيراني الذي لعبت فيه الصين دورا وسيطا رئيسيا.
ويشعر محللون بالتفاؤل إزاء التعاون بين بكين وطهران في فترة ما بعد العقوبات وتوقع المحللون أن الجانبين سيضعان قدرة تعاونهم في السكك الحديدة فائقة السرعة والملاحة ووسائل الاتصال وتوليد الطاقة والمناطق الصناعية والتكنولوجية.
وقال ياو إن رجال الاعمال الصينيين يجب ان يغتنموا هذه الفرص لتسريع التعاون مع نظرائهم الإيرانيين في مشاريع كبيرة ومن بينها خط السكك الحديدية فائقة السرعة بين طهران وأصفهان والمنطقة الصناعية بين الصين وإيران.