بكين 3 أغسطس 2016 (شينخوا) أعلنت السلطات العسكرية في كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في يوليو الماضي قرارهما نشر منظومة الدفاع الجوي الأمريكية للارتفاعات العالية (ثاد) في محافظة سيونغجو الواقعة على بعد حوالي 250 كلم جنوب شرقي سول بحلول نهاية العام القادم تحت ذريعة ما يسمى بـ"تهديدات صاروخية" من جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية التي تعتبرها واشنطن "دولة مارقة" وأحد بلدان "محور الشر". وفي الواقع، يتجاوز نشر منظومة ثاد الاحتياجات الدفاعية في شبه الجزيرة الكورية .

وبدورهم، أشار خبراء عرب إلى أن خطوة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية هذه ستلحق ضررا بالغا بالسلام والتوازن الإستراتيجي في المنطقة وتهدف في الحقيقة إلى إحتواء الصين وروسيا.

فقد ذكر الأكاديمي والباحث السياسي اليمني في عدن عبدالخالق العواسي أن "نشر منظومة ثاد الصاروخية الأمريكية على الأراضي الكورية الجنوبية لا يخدم السلام ويؤثر بشكل سلبي على عملية الاستقرار والتوازن الأمني"، مضيفا أن "أمريكا وسياساتها الخاطئة التي تستغل الحجج الواهية وغير المبررة في العالم ها هي اليوم تستخدم المخاوف الأمنية لدى كوريا الجنوبية كسبب لنشر هذا المنظومة الصاروخية وتتجاهل بشكل واضح وصريح دور الدول المجاورة التي ترفض ذلك بشدة."

واستطرد قائلا "ليس هناك أي مبرر واضح لدى أمريكا وليس هناك داع لنشر منظومة ثاد في كوريا الجنوبية. وأعتقد أن هذا فقط يستفز الدول المجاورة ويثير القلق، فالولايات المتحدة لا تحترم الدبلوماسية العالمية ولا تؤمن بسياسة الحوار، هي فقط خبيرة في إثارة الفوضى والحروب والخلافات حول العالم."

وأكد الباحث أن أمريكا لديها دائما رؤية تتصف بعدم العقلانية وتتذرع ببعض مشكلات ومخاوف الغير لنشر أسلحتها واستخدام العنف، معربا عن دعمه للحكومة الصينية في حقها المشروع في الدفاع عن كل ما يهدد أمنها واستقرارها، قائلا "نحن وكذلك العالم يثق ويحترم سياسة الصين التي لا تشعل الحروب ولا تثير الكراهية كما تفعل الولايات المتحدة"

ومن جانبهم، لفت محللون مصريون إلى أن إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على نشر منظومة ثاد المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية يعد بمثابة بداية لحرب باردة جديدة.

وقال السفير أحمد الغمرواي مساعد وزير الخارجية المصري السابق إنه من الواضح أن هناك محاولة لمحاصرة الصين والاتحاد الروسي من خلال زرع قواعد الصواريخ حول البلدين باعتبارهما يمثلان التهديد الأبرز للولايات المتحدة خاصة والغرب بشكل عام عسكريا واقتصاديا وسياسيا.

وأوضح الغمراوي أن واشنطن لا تسعى حاليا للدخول في مواجهة مباشرة مع الصين وروسيا، ولذلك فهي تدفع بحلفائها للقيام بهذا الدور من خلال نشر منظومة ثاد في كوريا الجنوبية، وتحريض الفلبين واندونيسيا على إثارة أزمة بحر الصين الجنوبي، ودفع اليابان ودول أخرى حليفة على الدخول في تجمعات اقتصادية.

وتابع بقوله إن "منظومة ثاد الصاروخية ظاهرها أنها ضد كوريا الديمقراطية ولكن حقيقتها أنها ضد الصين وروسيا"، معربا عن اعتقاده بأن "الصين لن تقاد إلى حرب، خاصة وأنها تعتمد على نظام اقتصادي نجحت فيه بجدارة، وليس من مصلحتها تغيير سياستها وإستراتيجيتها الحالية".

وفي هذا الصدد، حذر الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية من أن التصرفات الأمريكية بالمنطقة من شأنها عرقلة جهود إحتواء التوتر مع كوريا الديمقراطية والانتقال من الحلول السياسية إلى الحلول العسكرية،الأمر الذي يشكل تهديدا للمنطقة، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد حالة من الاستقطاب السياسي والعسكري بالمنطقة وأن طرفي الصراع سيبذلان مساعي حثيثة في محاولة لحشد الحلفاء لدعم موقفيهما.

ويرى رئيس جمعية الصداقة الجزائرية الصينية الدكتور إسماعيل دبش أن محاولة نشر الولايات المتحدة الأمريكية لمنظومة ثاد للدفاع الصاروخي في كوريا الجنوبية مآلها الفشل.

أوضح إسماعيل دبش، وهو العميد السابق لكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية والإتصال بجامعة الجزائر، في تصريح لـ((شينخوا)) أن التهديدات الأمريكية إزاء الصين ليست جديدة بل قديمة وتتكرر منذ وقت طويل. وقد تجلى ذلك أخيرا من خلال الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة على هيئة تحكيم بخصوص بحر الصين الجنوبي.

واعتبر أن المبرر الذي تتخذه الإدارة الأمريكية لنشر هذه المنظومة الخطيرة، والمتمثل في أنها لمراقبة التهديدات الصاروخية لكوريا الديمقراطية ضد جارتها كوريا الجنوبية والدول الحليفة لها، لا ينطلي على أحد، قائلا إن الهدف من وراء نشر ثاد هو الصين ومحاولة محاصرتها بهذه المنظومة ومراقبة كل ما تقوم به في مجال أمنها.

جدير بالذكر أن وزارة الخارجية الصينية أكدت في وقت سابق أن نشر ثاد سيلحق ضررا شديدا بالتوازن الإستراتيجي في المنطقة فضلا عن المصالح الأمنية الإستراتيجية لدول المنطقة بما فى ذلك الصين وأن هذا التحرك يتناقض مع الجهود المبذولة للحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، وأكدت مجددا معارضة الصين القوية لنشر المنظومة، وحذرت من أن الصين ستتخذ الإجراءات اللازمة لصون مصالحها الخاصة مالم توقف الولايات المتحدة وجمهورية كوريا عملية النشر هذه.