بكين 30 أغسطس 2016 (شينخوا) تمثل قمة مجموعة العشرين المرتقبة، التي ستعقد في الصين، منصة حيوية لعكس مسار النزعة الحمائية التجارية وإعطاء دفعة جديدة لنمو التجارة العالمية، حسبما ذكر مراقبون.
وتحت رئاسة الصين، اجتمع وزراء التجارة في مجموعة العشرين بصفة منتظمة، وفي خطوة أولى مهمة، فإن أعضاء مجموعة العشرين أيضا يقودون مسعى لوضع قواعد للاستثمار العالمي.
-- الحاجة الملحة
وتأتي قمة مجموعة العشرين، المقرر عقدها يومي 4 و5 من شهر سبتمبر القادم في مدينة هانغتشو بشرق الصين، في وقت يسجل فيه نمو التجارة العالمية مستوى أقل من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، وهو ما يعد "وضعا نادرا في الواقع"، حسبما قال تشانغ يويان، مدير معهد السياسة والاقتصاد العالمي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية .
وأصيب الخبراء بحالة من الحيرة إزاء تفسير أسباب التباطؤ في نمو التجارة العالمية، وقد أشار البعض إلى تصاعد النزعة الحمائية كسبب لذلك في وقت يشهد الاقتصاد العالمي تحديات جمة، بينما لفت آخرون إلى تباطؤ في توسع سلسلة القيمة العالمية على خلفية الركود الذي أصاب عملية العولمة خلال السنوات الأخيرة.
وتأخذ النزعة الحمائية التجارية، كما تفعل غالبا في أوقات تباطؤ النمو الاقتصادي، منحى تصاعديا، وحثت منظمة التجارة العالمية في شهر يونيو الماضي اقتصادات قمة العشرين على إزالة التدابير المناهضة للتجارة.
وحذرت ديبورا إيلمز، المديرة التنفيذية لمركز التجارة الآسيوية في سنغافورة، من أن الوقت قد حان لمجموعة العشرين "للمضي قدما لطرح أجندة استباقية" بشأن التجارة، وإلا فإن الاقتصادات النامية ستعاني أكثر من الاقتصادات المتقدمة.
-- التوقيت الملائم
وقال نائب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية يي شياو تشون إنه يتعين على الصين، باعتبارها الدولة المستضيفة للقمة الـ 11 لمجموعة العشرين التي تعقد هذا العام، أن تضع التجارة والاستثمار الدوليين على رأس جدول الأعمال..
وأكد يي أن "هذا الأمر مهم بشكل خاص نظرا لأن دول مجموعة العشرين تستحوذ على نحو 80 في المائة من التجارة العالمية".
وأشار يي إلى أنه بعد ثماني أعوام من الأزمة المالية العالمية، لم تظهر على الاقتصاد والتجارة العالميين علامات واضحة على حدوث انتعاش، في حين يشهد هامش المناورة لدى الدول من أجل مواصلة تنفيذ السياسات المالية والنقدية انكماشا، ولكن رغم ذلك، فإن الحيز في مجالات التجارة والاستثمار ما يزال موجودا للتعاون والتنمية.
وقال روبرت كاهن، زميل بارز مختص في الاقتصادات الدولية في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، إنه "في هذه البيئة الصعبة للغاية، حينما لا يشعر فيها الناس بأن التجارة تساعدهم"، فإنه يمكن للصين أن تلعب دورا قياديا مهما باعتبارها رئيسا لقمة مجموعة العشرين للمساعدة في إيجاد وسائل مناسبة لحسم هذه الخلافات حول التجارة.
-- الفعالية
وقال تشانغ إنه منذ توليها الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين في نهاية العام الماضي، فإن الصين قد أنجزت "قدرا كبيرا من الأعمال "، مشيرا إلى إنشاء مجموعة عمل التجارة والاستثمار التابعة لمجموعة العشرين وإضفاء الطابع المؤسسي على اجتماع وزراء تجارة دول مجموعة العشرين، حيث من المعتقد أن هذه الجهود ستكون بداية جيدة للقمة المرتقبة.
وفي اجتماع وزراء تجارة دول مجموعة العشرين، الذي عقد في مدينة شانغهاي، المركز المالي للصين، في أوائل شهر يوليو الماضي، وافق أعضاء مجموعة العشرين على إستراتيجية مجموعة العشرين حول نمو التجارة العالمية، من خلال التعهد بأن يكونوا مثالا يحتذى به في خفض تكاليف التجارة، وتعزيز اتساق سياسات التجارة والاستثمار، ودفع التجارة في مجال الخدمات وتحسين التمويل التجاري.
وقال الوزراء في بيان مشترك إن "التجارة والاستثمار يجب أن تظلا محركات هامة للتنمية والنمو في الاقتصاد العالمي، وتوفير فرص عمل، وتشجيع الابتكار والإسهام في تحقيق الرفاه والنمو الشامل".
ورأى يي أن هذه الإستراتيجية، حال اعتمادها، ستعزز إلى حد كبير التجارة والاستثمار الدوليين.
وقد تعهد أعضاء مجموعة العشرين بالتوصل إلى اتفاق بشأن تيسير التجارة بحلول نهاية عام 2016، ومن المتوقع أن يرفع هذا الاتفاق حجم التجارة العالمية بنحو تريليون دولار أمريكي سنويا، وأن يخلق 21 مليون فرصة عمل جديدة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 8 ملايين في الدول النامية.
وأعرب الخبراء عن ثقتهم بأنه سينتج عن قمة مجموعة العشرين، التي ستعقد في هانغتشو، العلاج المنشود بالنسبة للاقتصاد العالمي الذي ما يزال هزيلا، وقال يي إنه إذا ما التزم قادة مجموعة العشرين بإجراء مناقشات لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري وفقا للمبادئ التوجيهية الواردة في اجتماعات مجموعة العشرين، فإن جهودهم ستؤتي ثمارها على المدى الطويل.