بكين أول سبتمبر 2016 (شينخوا) يبدو أن العولمة تمر الآن بأفضل أيامها في مرآة الرؤية الخلفية مع تعالي أصوات الإحباط في ظل حالة من تباطؤ النمو مشهودة في جميع أنحاء العالم.
ورغم أن هذا الاتجاه الرئيسي الذي حول الكرة الأرضية إلى قرية ليس في حد ذاته محط لوم، إلا أن الوقت قد حان للتفكير مليا في الاتهامات الرئيسية الموجهة إليه والتعامل معها، ومن بينها أنه ترك الكثير وراءه لدرجة أن حالهم صار أسوأ من ذي قبل.
لذلك عندما يجتمع قادة مجموعة الاقتصادات العشرين الرائدة (مجموعة العشرين) في مدينة هانغتشو شرقي الصين في الأيام القادمة، فهم يحملون على أكتافهم مسؤوليات لا يمكن التنصل منها تجاه تعزيز التنمية الشاملة والمساعدة في ضمان أن تشمل المظلة الجميع.
لقد شهدت العقود القليلة الماضية أفضل تطبيق للعولمة. ففي الوقت الذي جعلت فيه الاختراقات التكنولوجية الثورية حركة الناس والمعلومات والموارد أمرا متزايد البساطة والسهولة،ولدت التجارة المعولمة وسلاسل الإنتاج منافع ملموسة تقدر بالمليارات في أنحاء العالم.
ولكن عند إلقاء نظرة فاحصة نجد أن العولمة بشكلها الحالي هي ترتيب اقتصادي عالمي غير متوازن يفضل الاقتصادات المتطورة على النامية منها والأغنياء على الفقراء.
وفي معظم الحالات، تفوز الشركات الغربية العملاقة بحصة الأسد من الأرباح فيما يكدح العمال ذوى الياقات الزرقاء في العالم الثالث ويمكنهم بالكاد سد احتياجاتهم الأساسية. وحتى في الاقتصادات الرائدة مثل الولايات المتحدة، تعرضت العولمة لانتقادات شديدة حيث تتدهور عدم المساواة الاجتماعية وتنتقل فرص العمل إلى الخارج.
ومن ناحية أخرى،أثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والشعوبية المتفشية في سباق الرئاسة الأمريكي المخاوف إزاء عودة الانعزالية والحمائية والنزعة القومية العمياء.
وفي ظل هذه الخلفية القاتمة، تستضيف الصين القمة الـ11 لمجموعة العشرين وتدرج التنمية الشاملة في موضوعها. وهي استجابة تأتي في حينها للمخاوف المتصاعدة إزاء العولمة غير المتوازنة ودليل على عزم بكين على مشاركة سائر العالم في تصحيح الخلل.
ومن أجل تحقيق هذه الغاية، تدفع الصين من أجل القيام بخطة عمل جماعية بشأن تنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة، وهي خطة طموحة اعتمدتها الأمم المتحدة وتهدف إلى وضع حد للفقر ومكافحة عدم المساواة.
وإدراكا منها تماما بأن التنمية الشاملة يكاد يكون تحقيقها مستحيلا دون ترابط بيني عالمي أفضل، تلزم الصين بحق نفسها بتعزيز التعاون الدولي في القدرة الإنتاجية ومساعدة الآخرين على تحسين البنية التحتية.
وتعد مبادرة "الحزام والطريق"، المؤلفة من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 ومكرسة لتحقيق الرخاء المشترك بطول طريق التجارة القديمة عبر التعاون القائم على الكسب المشترك، تعد بمثابة دليلا ملموسا على التزام بكين.
وعلى كل حال، رغم جميع الانتقادات، فإن العولمة جعلت بشكل فعال جميع الدول تقريبا مجتمعا واحدا. وعند أخذ الاعتمادية التبادلية الوثيقة بين مختلف الدول والمناطق في الاعتبار، سيكون وضع عربة العولمة في اتجاه العودة إلى الوراء وإعادة بناء الجدران بطول الحدود الوطنية أمرا كارثيا.
وباعتبارها المنصة الرئيسية للتعاون الاقتصادي العالمي، فإن مجموعة العشرين أمامها مهمة لا مفر لها عليها أن تنجزها ودور كبير عليها أن تلعبه. وقد حان الوقت لكي يحشد قادة مجموعة العشرين حكمتهم ويتخذون إجراءات ملموسة للتأكد من أن تيار العصر يرفع جميع القوارب.