هانغتشو 2 سبتمبر 2016 (شينخوا) فى الوقت الذى يجتمع فيه قادة الاقتصادات الكبرى فى العالم فى مدينة هانغتشو، تتجه كل الانظار إلى الصين لرؤية ما الذى تستطيع القوة الاقتصادية ان تقدمه فى الحوكمة العالمية من أجل احياء الاقتصاد العالمي.
وفى يومي 4 و5 سبتمبر الجاري، سيستضيف الرئيس الصيني شي جين بينغ قمة مجموعة العشرين التى تعقد تحت شعار "نحو اقتصاد عالمي ابتكاري ونشط ومترابط وشامل".
وتمثل مجموعة العشرين أكثر من 85 بالمئة من الاقتصاد العالمي وثلثي سكان العالم. وان الصين تقلدت رئاسة مجموعة العشرين فى ديسمبر 2015.
وتعد أهم المهام الملحة فى قمة مجموعة العشرين هى تحقيق انتعاش مطرد فى اقتصاد العالم والحماية من الازمات الاقتصادية التى تقع بسبب تراكم المخاطر المالية.
كما انه من المهم ايضا اصلاح الحوكمة الاقتصادية العالمية.
ومنذ ثمانية أعوام عندما عقدت أول قمة لمجموعة العشرين فى واشنطن، كانت الحوكمة العالمية مصطلحا غير متعارف عليه بالنسبة لمعظم الصينيين.
كما ان المصطلح اصبح جزءا من اسلوب التعبير السياسي الصيني فى سياق معالجة الازمة المالية العالمية لعام 2008 وحقق شهرة فى الاعوام السابقة.
وبحضور قمة البريكس فى جنوب افريقيا فى مارس عام 2013، بعد حوالي اسبوعين من تقلده منصب رئيس الصين، تحدث الرئيس شي جين بينغ عن الحاجة إلى مشاركة الاقتصادات الصاعدة فى الحوكمة العالمية من اجل دعم العدالة الدولية وحماية السلام والاستقرار العالميين.
وقال شي "بغض النظر عن كشف كيفية اصلاح نظام الحوكمة العالمية، يتعين علينا دوما القيام بدور نشط وبناء فى هذه العملية."
يذكر ان التأكيد على الحوكمة العالمية اصبح حاليا سمة مميزة فى دبلوماسية الصين.
وفى مدينة سانت بطرسبرج فى سبتمبر 2013، دعا شي الدول الكبرى الى تبني سياسات اقتصاد كلي مسئولة وتحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية للحفاظ على انفتاح الاقتصاد العالمي وتدعيمه فى قمة مجموعة العشرين الثامنة.
وفى مدينة بريسبان عام 2014، حث شي اعضاء مجموعة العشرين على تحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية والنضال من اجل تحقيق نظام مالي دولي عادل وشامل ومنظم.
وقال ان الجهود يتعين ان تبذل من أجل زيادة وجود الدول النامية واقتصادات الاسواق الصاعدة واتاحة قول اكبر لها فى الانظمة الدولية وضمان المساواة بين الدول المختلفة فى التعاون الاقتصادى العالمي فيما يتعلق بالحقوق والفرص والقواعد.
وقد تم تجديد هذه الدعوة فى قمة العشرين فى انطاليا العام الماضي.
وقال شي "نحتاج إلى زيادة تمثيل وصوت اقتصادات الاسواق الصاعدة والدول النامية فى (الحوكمة العالمية)، من أجل تعزيز قدرات الاقتصاد العالمي لمقاومة المخاطر."
تجدر الاشارة إلى ان مصطلح الحوكمة العالمية برز أيضا بشدة عندما وجه شي كلمة إلى الجمهور المحلي.
ففى أوائل يوليو الماضي، فى الخطاب بمناسبة الذكرى ال95 لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، قال شي ان الصين يتعين ان تشارك بفعالية فى بناء الحوكمة العالمية والنضال من أجل الاسهام بالحكمة الصينية فى تحسين الحوكمة العالمية.
وقال "الامر متروك لشعوب كل الدول لتقرر عن طريق المشاورات ما النظام الدولي وانظمة الحوكمة العالمية التى بمقدورها ان تنفع العالم وشعوب كل الدول."
وأضاف "ستعمل الصين مع شعوب كل الدول من أجل دفع النظام العالمي ونظام الحوكمة العالمي نحو اتجاه أكثر عدلا وعقلانية."
والاسباب وراء زيادة المشاركة النشطة للصين فى الحوكمة العالمية ليست صعبة على الفهم.
وقال شيوي قوانغ جيان، نائب مدير مدرسة الادارة العامة والسياسة فى جامعة رنمين الصينية "مع تقدم الصين، من المنطقي ان تلعب الدولة دورا أكبر على الساحة الدولية."
واضاف "هذا التطور يتماشى مع تعميق التأكيد الصيني للعولمة وإدراك البلاد انه لا توجد دولة، منها الصين، تستطيع الوقوف دون ان تتأثر فى اعقاب الازمة المالية العالمية لعام 2008."
واتفق دوجلاس بال، نائب رئيس قسم الدراسات فى مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي فى واشنطن، مع وجهة النظر هذه.
وقال "الصين تهتم بشدة بالحفاظ على النظام الاقتصادي والتجاري الدولي وتعزيزه."
ودون شك، فإن مجموعة العشرين تشكل منبرا هاما للصين لتحويل رؤيتها عن الحوكمة العالمية إلى حقيقة.
وفى عام 2008، قال الرئيس الصيني آنذاك هو جين تاو فى أول قمة لمجموعة العشرين فى واشنطن "النمو المطرد والسريع نسبيا للاقتصاد الصيني هو فى نفسه اسهام هام فى الاستقرار المالي الدولي والنمو الاقتصادي العالمي."
والآن، الدولة لديها المزيد لتقدمه.
وبالنسبة للكثير، فإن قمة هانغتشو جاءت فى الدولة المناسبة فى الوقت المناسب.
وبالرغم من التباطؤ، فإن نمو اجمالي الناتج المحلي للصين بلغ 6.7 بالمئة فى الربع الثاني من هذا العام، فى إطار متوسط هدف الحكومة وهو من 6.5 إلى 7 بالمئة لعام 2016، ورافق ذلك تقدم فى التحسن الاقتصادي الهيكلي. وان الدولة اسهمت بأكثر من 25 بالمئة من النمو العالمي عام 2015.
وفى الوقت الذى طال فيه الارتباك بسبب الازمة المالية الدولية، فإن العمل الجماعي لتحقيق نمو شامل وابتكاري -- وهو ضمن خصائص الحل الصيني للاقتصاد العالمي -- ظهر كمرشد لمساعدة الدول فى مواجهة مشاكل الاقتصاد.
تجدر الاشارة الى ان المقترحات الصينية اليوم شبيهة بتلك التى اقترحها الزعماء الصينيون فى قمم مجموعة العشرين لسنوات: اصلاح المؤسسات المالية الدولية والابتكار فى انماط النمو والسياسات الكلية المنسقة واقتصاد عالمي منفتح.
كما ان ممارسات الصين، مثل التنمية المدفوعة بالابتكار، والاصلاح الهيكلي الحالي لجانب العرض، بمقدورها إلهام العالم.
وفى الوقت نفسه، ومع البرامج الشاملة مثل مبادرة الحزام والطريق والبنك الاسيوي للاستثمار في البنية الاساسية، تظهر الصين انها ملتزمة بربط المناطق والدول، فى نفس الوقت تخلق فيه الفرص.
وبالرغم من انه لا يوجد علاج فوري لاقتصاد العالم، هناك حاجة لاستراتيجية مشتركة للحوكمة العالمية من أجل بداية جديدة للتنمية المستدامة. وهذا هو ما تأمل الصين فى تحقيقه خلال القمة.