بكين 27 أكتوبر 2015 (شينخوا) في غضون 10 أعوام تقريبا، سيتم تزويد ستة ملايين منزل بريطاني بالكهرباء من محطة "هينكلي بوينت سي"، وهي أول محطة طاقة نووية يتم إنشاؤها على الأراضي البريطانية منذ أكثر من عقدين من الزمان.
ويعد مشروع البنية التحتية الضخم هذا، الذي يملك فيه اتحاد شركات صيني (كونسورتيوم) حصة نسبتها 33.5% بموجب عقد وقع في لندن في حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ الزائر ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، يعد صورة مصغرة من التعاون الوثيق بين البلدين في قطاع الطاقة.
وإن أحدث مثال على التعاون الصيني-البريطاني المعمق والمتنوع باستمرار في مجال الطاقة، الذي تشغل موارد الطاقة النظيفة حصة متزايدة منه، يجسد تصميمهما المشترك على مكافحة التهديد المشترك المتمثل في تغير المناخ.
-- مشروع رائد تاريخي
ومن المقرر أن يبدأ تشغيل محطة "هينكلي بوينت سي"، الكائنة في جنوب غرب إنجلترا وتقدر تكلفة إنشائها بـ18 مليار جنيه استرليني (حوالي 28 مليار دولار أمريكي)، في عام 2025 بإجمالي قدره تصل إلى 3.3 جيجاوات، وهو أكبر من إنتاج أي محطة منفردة حالية في بريطانيا.
وقد أشاد شي بهذه المنشأة باعتبارها مشروعا رائدا للتعاون الصيني- البريطاني، فيما وصف كاميرون هذه الصفقة الاستثمارية بأنها تاريخية حيث تعد هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها شركات صينية في إقامة مشروعات نووية مدنية في أوروبا.
وسوف تعود الفائدة على البلدين من هذه الصفقة. بالنسبة للصين، تفتح الصفقة إمكانات أمام الشركات الصينية لكي تضطلع بدور أكبر في سوق الطاقة البريطانية وأمام تصدير الصين لتكنولوجياتها ومعداتها النووية إلى أجزاء أخرى من العالم. وبالنسبة لبريطانيا. تبشر الصفقة بتجديد شبكة الطاقة النووية العتيقة في البلاد باستثمارات صينية وتوفير المزيد من فرص العمل.
وأشار فينسنت دي ريفاز المدير التنفيذي لشركة "إي دي أف" للطاقة، وهي شركة بريطانية تابعة لشركة "إي دي أف" الفرنسية العملاقة للطاقة والشريك الكبير في مشروع "هينكلي بوينت سي"، أشار إلى أن هذه الصفقة تمثل "أكبر استثمار وافد في تاريخ بريطانيا" حيث تخلق 25 ألف فرصة عمل خلال بناء المحطة.
وقال "أوافق على أن الجميع مقتنع بأنه أمر جيد"، فيما أكد أنه على قناعة بأن المشروع "يعد فرصة صناعية ستتجاوز فوائدها بناء محطة طاقة نووية في مقاطعة سمرست".
-- تعاون متنوع في مجال الطاقة
ومن ناحية أخرى، لا يعد التعاون النووي كل شيء في جعبة التعاون الثنائي في مجال الطاقة، إذ إنه تماشيا مع الاتجاه العالمي لوقف انبعاث الملوثات والسعي إلى تحقيق تنمية منخفضة الكربون، توجه الصين وبريطانيا أيضا تعاونهما في مجال الطاقة صوب الموارد النظيفة والمتجددة.
فقد وقع الجانبان في السنوات الأخيرة اتفاقات تجارية هائلة في مجال الغاز الطبيعي، وحققا تعاونا مثمرا في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكانا رائدين في استكشاف توليد الطاقة من موجات المد والجزر.
ومن بين العقود التجارية التي وُقعت خلال زيارة الدولة التي قام بها شي مؤخرا إلى بريطانيا، صفقة توريد غاز طبيعي مسال تقدر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات أبرمت بين شركة النفط البريطانية (بريتيش بتروليوم) وشركة (هواديان) التي تعد أكبر شركة صينية منتجة للطاقة من الغاز.
وفي يونيو، فازت شركة هاربور الصينية الحكومية للهندسة بعقد قيمته 460 مليون دولار لإنشاء أول محطة لتوليد الطاقة من موجات المد والجزر في العالم في خليج سوانسي البريطاني ومن المتوقع أن تولد كهرباء تكفي لـ120 ألف منزل.
وفي ديسمبر 2014، حصلت المؤسسة الصينية العامة للطاقة النووية، وهي الشركة التي تقود الكونسورتيوم الصيني في مشروع "هينكلى بوينت سي"، حصلت على حصة نسبتها 80% في ثلاث مزارع رياح برية بريطانية من شركة "أي دي أف".
وفي يونيو 2014، وخلال زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ إلى بريطانيا، وقعت شركة (بريتيش بتروليوم) مع الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري عقدا لتوريد غاز طبيعي مسال قيمته 20 مليار دولار. وبموجب العقد، ستقوم شركة بريتيش بيتروليوم بتوريد 1.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا لمدة 20 عاما اعتبارا من عام 2019.
وفي أبريل عام 2014، سُلمت محطة طاقة شمسية تبلغ قدرها 12 ميجاوات بنيت باستثمارات من شركة (آفيك إنترناشونال) الصينية سُلمت إلى الجانب البريطاني. وتم ربط مزرعة سبريجز للطاقة الشمسية بشبكة الكهرباء منذ مارس ويمكن أن يلبي إنتاجها اليومي في فصل الصيف احتياجات 2500 أسرة من الكهرباء.
وذكر تقرير صدر مؤخرا عن (بينسينت ماسونز)، وهي شركة تقدم خدمات كاملة في مجال القانون الدولي ومقرها لندن، أن قطاع الطاقة سيصبح، من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات الصينية في البنية التحتية البريطانية، سيصبح أكبر مستفيد وخاصة الطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
-- تجاه مستقبل أكثر إخضرارا
وبينما يمضيان قدما في تعاونهما المثمر في مجال الطاقة، يدرك كبار قادة الصين وبريطانيا تماما التحديات التي يشكلها تغير المناخ.
وفي العديد من المناسبات خلال زيارته إلى بريطانيا، اشاد شي بالإنجازات التي حققتها الدولتان في سعيهما لتحقيق تنمية خضراء ودعا إلى بذل جهود مستمرة في تنسيق السياسات والتعاون العملي.
وفي علامة جديدة على جهودهما الراسخة لمعالجة تغير المناخ، وقعت الدولتان خلال زيارة شي مذكرة تفاهم حول إقامة شراكة حول الطاقة النظيفة.
وعلاوة على ذلك، فإنه في إعلان مشترك هام حول بناء "شراكة إستراتيجية شاملة عالمية للقرن الـ21"، حددت الدولتان عدة مجالات رئيسية للتعاون الثنائي، تعد معالجة تغير المناخ واحدة منها.
ويمكن القول بكل إطمئنان أن الصين وبريطانيا لديهما دوافع اقتصادية هائلة وإرادة سياسية قوية لتستهلا مستقبلا أكثر إخضرارا لأنفسهما وأيضا للعالم بأسره".
الرئيس شى والملكة اليزابيث يشيدان بالعلاقات الصينية البريطانية أشاد الرئيس الصينى شى جين بينغ وملكة بريطانيا اليزابيث الثانية بالعلاقات القوية بين بلديهما >>> |
الصين وبريطانيا تصدران إعلانا لبدء شراكة "عالمية" |