سنغافورة 6 نوفمبر 2015 (شينخوا) في السنوات القادمة، ستسعى الصين وسنغافورة جاهدتين إلى بناء شراكة من التعاون الشامل تواكب العصر، وتستعدان لإجراء مفاوضات بشأن الارتقاء باتفاقية تجارة حرة عمرها سبع سنوات.
تم التوصل إلى هذا التوافق بين الرئيس الصيني شي جين بينغ الزائر ونظيره السنغافوري تونى تان كينغ يام بعد ساعات فقط من وصول شي إلى سنغافورة، دولة الحدائق، يوم الجمعة.
-- علاقات مواكبة للعصر
ورأى المحللون أنه لا دولة سوى سنغافورة يمكنها أن تقيم علاقات استثنائية كهذه مع الصين.
وقال تشنغ يونغ نيان، مدير معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، إن وصف العلاقات الثنائية بعبارة "مواكبة للعصر" يعد أمرا "نادرا ولكن مناسبا".
فقد اضطلعت سنغافورة بأدوار مختلفة في المراحل المختلفة من تحديث الصين. وتعلمت المدن الصينية من سنغافورة، فيما تسعى سنغافورة دائما إلى فرص لتوطيد تعاونها مع الصين.
وبالعودة إلى عام 1978عندما أطلقت الصين مسيرة الإصلاح والانفتاح. لم تكن فقط محض الصدفة هي ما جعلت دنغ شياو بينغ، نائب رئيس مجلس الدولة الصيني آنذاك، يتجه إلى سنغافورة لاستكشاف "الوصفة الطبية" التي وضعتها هذه الدولة المدينة للتحديث.
وفي الخطب الشهيرة التي ألقاها دنغ خلال جولة له في جنوب الصين عام 1992، أشاد دنغ بسنغافورة ووصفها بأنها نموذج يجب أن يحتذى به.
ومن جانبه، قال تشن قانغ، الباحث الزميل بنفس المعهد بجامعة سنغافورة الوطنية، إن "سنغافورة عملت بمثابة بيت خبرة لعملية الإصلاح والانفتاح في الصين في ثمانينات القرن الماضي. وفي الفترة من تسعينات القرن الماضي حتى الجيل الأول من القرن الـ21، لعبت الدولة المدينة دورا حيويا في المسيرة التي أطلقتها الصين سعيا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية والتصنيع"،مستشهدا بمنطقة سوتشو الصناعية كمثال قوى على ذلك.
وتعتبر منطقة سوتشو الصناعية، التي شيدت عام 1994 كأول مشروع بين الحكومتين الصينية والسنغافورية، نموذجا لتعاون الصين مع الدول الأجنبية. وجذبت حتى الآن استثمارات أجنبية تقدر قيمتها بـ26.7 مليار دولار أمريكي حيث ضخت أكثر من 90 شركة مدرجة ضمن قائمة فورتشن لأفضل 500 شركة عالمية استثمارات هناك.
ومع نمو الاقتصاد الصيني،صارت حماية البيئة شاغلا رئيسيا. وأقيمت مدينة تيانجين الأيكولوجية، التي تعد المشروع الثاني بين الحكومتين الصينية والسنغافورية، أقيمت للتعلم من سحر مدينة الحدائق من أجل دفع الاقتصاد بطريقة صديقة للبيئة.
وقال تشن متطلعا إلى المستقبل "في الوقت الذي تنمو فيه الصين لتصبح قوة مؤثرة على الساحة الدولية وتطرح فيه مبادرات مثل "الحزام والطريق" والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، تتعلم الصين وسنغافورة من كل منهما الأخرى".
-- الارتقاء باتفاقية التجارة الحرة ليس ضد اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ
وُقعت اتفاقية التجارة الحرة القائمة بين الصين وسنغافورة في أكتوبر عام 2008 لتصبح أول اتفاقية تجارة حرة شاملة توقعها الصين مع دولة آسيوية أخرى.
وقد صرح رئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونغ بأن هذه الاتفاقية قد لعبت دورا مهما في تعزيز التجارة والاستثمار البينية، وصارت دعامة هامة للعلاقات الوثيقة بين البلدين.
ولكن في الوقت الذي تعتزم فيه الصين وسنغافورة الارتقاء بالاتفاقية، مازال أصحاب الأفق الضيق يروجون للفرضية القائلة بأنه من خلال مثل هذه الجهود الرامية إلى تجديد اتفاقيات التجارة الحرة مع دول المنطقة، "تحاول" الصين مواجهة تأثير الاتفاقية التجارية للشراكة عبر المحيط الهادئ.
بيد أن الحقيقة تكمن في أن الصين، كما قال وزير التجارة الصيني قاو هو تشنغ الشهر الماضي، منفتحة على أى آلية تجارية طالما أنها تتبع لوائح منظمة التجارة العالمية وتصب في صالح التكامل الاقتصادي لمنطقة آسيا- الباسيفيك.
وذكر قاو أن "الصين تأمل في أن تكمل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ وترتيبات التجارة الحرة الأخرى في المنطقة بعضها البعض وتسهم في النمو التجاري والاستثماري والاقتصادي لمنطقة آسيا- الباسيفيك".
كما أكد لي على صدقة نية الصين ورغبة بلاده في تحديث اتفاقية التجارة الحرة.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة ((ليانخه تساوباو)) ونشرت يوم الجمعة، قال لي إنه في الوقت الذي تعمل فيه الصين على تحويل اقتصادها وتتوجه الشركات من البلدين نحو العالمية، يدرك الجانبان أهمية وجود اتفاقية تجارة حرة مطورة تلبى الاحتياجات المتزايدة للشركات.
وأشار وزير الدولة السنغافوري الكبير جوسفين تيو في وقت سابق أيضا إلى أنه بينما تحتاج الشركات الصينية إلى سنغافورة، التي تعد محورا ماليا، للوصول إلى سوق جنوب شرق آسيا، لابد لسنغافورة أيضا من استشكاف مزيد من الفرص في المنطقة الغربية من الصين لتلبية متطلبات المستهلكين.
-- شراكة شاملة
وقليل من الدول، إن وجد، يمكن مقارنتها بسنغافورة من حيث عمق واتساع التعاون مع الصين حيث تتشابه الدولتان، رغم وجود تناقض حاد في الحجم وعدد السكان، تتشابه في العديد من أوجه التماثل الثقافية.
ففي عام 2014، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 79.74 مليار دولار، بزيادة 28 مرة عما كان عليه قبل عقدين من الزمان.
وبخلاف التعاون في مجالي الاقتصاد والمالية، ازدهرت أيضا التفاعلات التعليمية والشعبية بين البلدين.
وقال سو قه رئيس معهد الصين للدراسات الدولية إن العلاقات الصينية - السنغافورية تعد نموذجا مثاليا للتعاون الودي بين الدول الكبيرة والصغيرة.
وفيما تحتفل الدولتان بمرور 25 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع زيارة شي يومي الجمعة والسبت، يسافر الطلبة إلى سنغافورة للتعلم من "نموذج سنغافورة" الآن أكثر من أي وقت مضى.
وتظهر الإحصاءات الرسمية أن قرابة 250 ألف مسؤول حكومي صيني تلقوا تدريبا في سنغافورة.
وكان تشاو جون من بين أولئك الذين سافروا للدراسة هناك. وفي عام 2000، كان تشاو يعمل في وزارة الزراعة ونال منحة دراسية سنغافورية للدراسة في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية حيث حصل على درجة ماجستير في السياسة العامة.
واستحضر تشاو هذه الفترة إلى الذاكرة قائلا إن "أعضاء هيئة التدريس الذين هم على مستوى عالمي في كلية لي كوان يو جددوا ما لدى من معرفة قديمة بالسياسة العامة في مجالات مثل الاقتصاد، والعلوم السياسية، والعلوم الاجتماعية...وساهم هذان العامان من تفجر الفكر في إعادة تشكيلي بصورة شاملة".
الرئيس الصينى يصل الى سنغافورة فى زيارة دولة |
الرئيس الصيني يصل فيتنام مستهلا زيارة دولة |
شى يتعهد بدفع العلاقات بين الصين وسنغافورة إلى افاق جديدة |