بكين 16 يوليو 2016 (شينخوا) أصدرت محكمة تحكيم فى قضية بحر الصين الجنوبى التى بادرت الفلبين باللجوء إليها بشكل أحادي، جنبا إلى جنب مع المحكمة الدائمة للتحكيم التى تمثل الأمانة العامة الخاصة بتلك المحكمة، حكما الثلاثاء وسط إجماع عالمي على ان المحكمة ليس لها حق الاختصاص القضائي للنظر فى القضية.
وتسبب هذا الحكم الذى يمثل استغلالا سيئا للقانون فى موجة من الغضب بين زعماء العالم والخبراء والباحثين، كما أثيرت التساؤلات حول سلطة وعدالة المحكمة الدائمة للتحكيم.
يقول المحللون إن المحكمة الدائمة للتحكيم ليست دائمة وليست فى الأساس محكمة، وأن الحكم الصادر عنها لا علاقة له بمفهوم العدالة، وإنما هو مجرد خدمة مدفوعة الأجر.
المحكمة الدائمة للتحكيم ليست دائمة
أُسست المحكمة الدائمة للتحكيم عام 1900 وفقا لاتفاقية لاهاي لتسوية النزاعات الدولية فى الباسيفيك التى تمت الموافقة عليها فى عام 1899 فى مؤتمر لاهاي الأول. وقد انضمت أسرة تشينغ الحاكمة فى الصين حينئذٍِ إلى الاتفاقية فى عام 1904، الأمر الذى جعل من الصين إحدى الدول الموقعة على المعاهدة.
يجب ان يحترم التحكيم الدولي إرادة كل دولة فيما يخص القانون الدولي. وتنص اتفاقية لاهاي لعام 1899 على أن اللجوء إلى التحكيم الدولي يجب ان يتم على أساس احترام القانون وفقط بعد فشل الطرق الدبلوماسية.
وداخل المحكمة الدائمة للتحكيم، لا يوجد سوى مكتب دولي يعمل كهيئة للتسجيل فى قضايا التحكيم جنبا إلى جنب مع مجلس اداري دائم يمارس نوعا من السلطة الادارية على المكتب.
ويتم اختيار المحاكم من جانب الدول المعنية من خلال قائمة يتم عرضها على الدول، ما يعني أنه يتم تعيين القضاة لغرض ما من القضايا وليس هناك مجموعة معينة من القضاة.
المحكمة الدائمة للتحكيم تفتقر إلى الاحترافية
فى بداية عهد المحكمة الدائمة للتحكيم، كانت المحكمة لا تتولى إلا التحكيم فى النزاعات بين الدول القومية. غير أن المحكمة لم تمارس أي عمل لها عبر فترة طويلة من الزمن. وللحفاظ على وجودها، قامت المحكمة بتوسيع نطاق التحكيم الخاص بها ليشمل النزاعات بين الدول القومية والمنظمات الدولية وكذا النزاعات بين الدول القومية والقطاعات الخاصة.
وهكذا، فالمحكمة الدائمة للتحكيم بطبيعتها ليست وكالة متخصصة فى القضايا القانونية بين الحكومات، وليست منظمة ذات خبرة فى النزاعات الاقليمية، بحسب ما ذكرت صحيفة (ونهوي) نقلا عن تشو سي شيه الباحث فى العلاقات الدولية.
وأضاف تشو انه وفقا للجنة القانون الدولي، التى أسستها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947، فإن الافراط فى استخدام السلطة فى التحكيم يؤدي إلى بطلان الحكم.
وضرب تشو مثالا على ذلك بقضية التحكيم الخاصة بالحدود الشمالية-الشرقية بين كندا والولايات المتحدة. لقد تجاهلت المحكمة خطوط الحدود التى اعلنتها الدولتان وسمت خطا ثالثا للحدود، الامر الذى يعد نوعا من الاستخدام المفرط للسلطة وأدى فى النهاية إلى بطلان الحكم.
خدمة مدفوعة الأجر
بخلاف محكمة العدل الدولية التى تحصل على ميزانيتها بشكل كامل من الأمم المتحدة، فإن المحمكة الدائمة للتحكيم تحصل على ميزانيتها من الدول الموقعة على اتفاقية لاهاي لعام 1899. ويتم دفع مصروفات القضايا محل التحكيم وكذا رواتب القضاة من جانب أطراف القضايا المعروضة للتحكيم.
وبحسب المصادر، فإن المصروفات الخاصة بالمحكمة التى تولت التحكيم فى قضية بحر الصين الجنوبي بلغت 2.85 مليون يورو، وهو المبلغ الذى كان يجب تقسيمه بشكل متساوِ بين الطرفين المعنيين.
ولكن ما حدث هو أن الفلبين هي من دفعت للمحكمة كامل المبلغ، لأن الصين أعلنت موقفها منذ البداية بعدم قبول التحكيم فى القضية وكذا عدم المشاركة فى علمية التحكيم.
وبناء على ذلك، يتشكك بعض المحللين فى مدى عدالة هذه المحكمة واتختصاصها القضائي، مع الاخذ فى الاعتبار حقيقة أنها وسعت اختصاصها القضائي واستمعت إلى القضية دون موافقة الصين.
