بكين 18 يوليو 2016 (شينخوا) في قضية التحكيم التي رفعتها الحكومة الفلبينية السابقة بشكل أحادى الجانب، لعبت محكمة التحكيم الغوغائية بمحكمة التحكيم الدائمة بالفعل دورا طائشا في تجاوز حدود القانون الدولي.
فمنذ تأسيسها مرورا بعملية إدارتها وتشكيل هيكل أفرادها وصولا إلى ما يسمى بـ"الحكم النهائي"، أظهرت العديد من الثغرات أن هذه المحكمة المؤقتة ليست بأي حال من الأحوال هيئة عادلة أو ذات موثوقية.
-- محكمة مؤقتة
بعد إصدار ما يسمى بـ"الحكم النهائي" في قضية التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي، أفادت بعض وسائل الإعلام الغربية بأن محكمة التحكيم الدائمة هي من أصدر الحكم، أو هيئة تحكيم تدعمها الأمم المتحدة هي من أصدر الحكم. ولكن هذه التصريحات غير صحيحة على الإطلاق .
فمحكمة التحكيم في قضية التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي هي في الواقع محكمة مؤقتة يتم تأسيسها في بداية قضية وحلها عقب إغلاق القضية. وليس لديها أى علاقة بمحكمة العدل الدولية التي تعد جهازا قضائيا رئيسيا تابعا للأمم المتحدة وتأسست وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
وليس لمحكمة التحكيم المؤقتة أيضا علاقة مباشرة بالمحكمة الدولية لقانون البحار. فالرابط الوحيد بين المحكمتين هو أنه وفقا لما تنص عليه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فإنه إذا لم تعين أطراف في القضية محكميها في المحكمة المؤقتة، فإن رئيس المحكمة الدولية لقانون البحار يقوم بتعيين المحكمين.
وليس لمحكمة التحكيم المؤقتة علاقة مباشرة بمحكمة التحكيم الدائمة، بينما لا تقدم الأخيرة سوى خدمات تتعلق بالإيرادات والأمانة للأولى .
وباختصار، فإن محكمة التحكيم المؤقتة بشأن قضية بحر الصين الجنوبي ليست منشأة تحكيم دائمة، وليست هيئة قضائية معتمدة بشأن القانون الدولي للبحار. بل إنها مجرد محكمة مؤقت ذات قواعد تحكيم مؤقتة.
-- اختيار طائش للأعضاء
تتبع جميع الهيئات القضائية الدولية إجراءات صارمة لاختيار أعضائها. فعلى سبيل الميثال، يتم التصويت على قضاة المحكمة الدولية لقانون البحار بأغلبية الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ويتم التصويت على قضاة محكمة العدل الدولية في مؤتمر الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ويتم انتخابهم من قبل أكثر من نصف المصوتين الحاضرين.
وتتكون محكمة العدل الدولية من 15 قاضيا من جميع القارات، وتتكون المحكمة الدولية لقانون البحار مما يصل إلى 21 قاضيا.
وعلى نحو مختلف تماما، يتم تعيين المحكمين في محكمة التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي، وعددهم إجمالا خمسة محكمين. ولا يحتاج الأمر سوى ثلاثة من المحكمين الخمسة لإصدار حكم في قضية تحكيم.
علاوة على ذلك، بالنسبة لقضية مهمة مثل نزاع بحر الصين الجنوبي، لم يكن في المحكمة محكمين من آسيا، بل لم يكن لدى محكميها المعرفة المهنية للخلفية المعقدة بشأن منطقة بحر الصين الجنوبي، ما جعل من المستحيل عليهم أن يصدروا حكما موضوعيا ومستقلا.
وقال كونغ لينغ جيه، نائب مدير معهد الصين لدراسات الحدود والمحيطات بجامعة ووهان، إن "تمثيل أعضاء المحكمة كان منقوصا بشدة، ما أثار شكوكا تجاه عدالة المحكمة".
وسبق للعقل المدبر لعملية الاختيار، وهو شونجي ياناي، أن ساعد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في رفع الحظر على حق اليابان في الدفاع الذاتي الجماعي وتحدى النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. واستبعدت ميوله السياسية احتمالية خروج حكم عادل، وكان يجب نبذه من نظر القضية.
وقال وو شي تسون، رئيس المعهد الوطني لدراسات بحر الصين الجنوبي إنه "مع أخذ النزاع على جزر دياويوى بين الصين واليابان في الاعتبار، لم يستطع ياناي الالتزام بموقف موضوعي وعادل أساسي".
-- محكمون تقاضوا ثمنا كبيرا نظير خدماتهم
وقال نائب رئيس وزير الخارجية الصيني ليو تشن مين في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء إن المحكمين الخمسة بمحكمة التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي كسبوا أموالا كثيرة من عملية التحكيم، وهذه الأموال دفعتها الفلبين وربما دول أخرى أيضا.
وفي الممارسات القضائية، يتم تأسيس محكمة تحكيم بوجه عام بموافقة الطرفين المعنيين اللذين يتقاسمان رسوم التحكيم.
وذات مرة، قام قسم أمانة المحكمة بمطالبة الصين والفلبين ثلاث مرات بدفع الرسوم لكي تواصل المحكمة عملها. ولم تدفع الصين شيئا لأنها لم تشارك في التحكيم ولم تقبله.
ولكى تمضى عملية التحكيم قدما، لم تدفع الفلبين حصتها فحسب، وإنما دفعت أيضا "حصة الصين" في القضية. وعلم أن الفلبين دفعت بمفردها مبلغا إضافيا وقدره 850 ألف يورو (935 ألف دولار أمريكي) للمحكمة في إبريل.
وكشفت بعض المصادر المعنية أن محكما في هذه القضية تقاضي 600 يورو (666 دولارا) في الساعة، أو 4800 يورو (5330 دولارا) ليوم عمل من ثماني ساعات، كما كان لابد من دفع جميع النفقات المتعلقة بالتحكيم بما فيها تكاليف السفر والإقامة في الفنادق وتكاليف الاتصالات الهاتفية.
ووفقا للتقييمات الأولية، دفعت الفلبين أكثر من 26 مليون يورو (28.9 مليون دولار) لعملية التحكيم منذ أن رفعت القضية في عام 2013.
وقال ريجوبيرتو تيجلاو، كاتب العمود الذي يكتب بصفة دورية في صحيفة ((مانيلا تايمز)) المحلية الصادرة بالإنجليزية، في مقالة نشرت يوم الجمعة إن الفلبين أنفقت 30 مليون دولار لتوظيف محامين من أجل عملية التحكيم، أي ما يعادل 0.1% من ميزانية البلاد لعام 2015.
وأثار الحكم "غير الشرعي وغير الفعال" لمحكمة التحكيم، الذي تشكلت بدفع من الحكومة الفلبينية السابقة بقيادة بينينو أس. أكينو الثالث منذ سنوات، أثارت حالة تذمر داخليا في الفلبين.
وقال تيجلاو إنه يتعين على الولايات المتحدة تعويض الفلبين عن الرسوم والنفقات القانونية التي دفعت في قضية التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي ضد الصين، اذ أن القضية أعطت الولايات المتحدة ما أرادته.
ومن الواضح تماما أن قضية التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي كانت مهزلة سياسية "فيما يتعلق بالتكاليف القانونية" منذ بدايتها، وكانت ورائها مؤامرة خفية.