رام الله/غزة 4 مارس 2015 (شينخوا) بدأ المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعات له اليوم (الأربعاء)، وعلى رأس جدول أعماله البحث رسميا وللمرة الأولى منذ إقامة السلطة الفلسطينية عام 1994 مراجعة وظائفها في ضوء تعقد العلاقات مع إسرائيل.
وحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي افتتح الدورة السابعة والعشرين لاجتماعات المجلس المركزي وهو ثاني أعلى سلطة في منظمة التحرير المجلس، على هذه الخطوة "في هذه المرحلة التاريخية لبحث الوضع الذي نحن فيه سلطة بلا سلطة".
وأضاف عباس "يجب إعادة النظر في وظائف السلطة وهذا الذي يجري إلى متى سيستمر، وأين أفق السلام، يجب أن ندرس ذلك لنضمن أن نرجع السلطة سلطة حقيقية ".
وشدد عباس، على وجوب أن "لا يكون هناك التزاما من جانب واحد فقط، وإنما من كل الجوانب" علما أن السلطة الفلسطينية تأسست بموجب اتفاق (أوسلو) للسلام المرحلي الذي تم توقيعه مع إسرائيل عام 1993.
وتستمر اجتماعات المجلس المركزي التي تعقد في مدينة رام الله بالضفة الغربية حتى يوم غد بمشاركة 80 عضوا فيه من أصل 110 أعضاء.
وأعلن مسؤولون فلسطينيون، أن بحث تحديد العلاقة مع إسرائيل بما في ذلك وقف التنسيق الأمني والاتفاقيات الاقتصادية معها سيتصدر مباحثات اجتماعات المجلس المركزي التي تعقد على مدار يومين.
ويأتي هذا التوجه تعبيرا عن الغضب الفلسطيني من حجز إسرائيل أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية منذ مطلع العام الجاري ردا على توقيع عباس وثائق الانضمام إلى 20 منظمة دولية أبرزها محكمة الجنايات الدولية، وكذلك ما وصفها الرئيس الفلسطيني "بالانتهاكات" الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وأتهم عباس إسرائيل، بنقض كل الاتفاقيات مع الفلسطينيين والاستعراض العسكري بحقهم، لكنه أكد مجددا رفضه اللجوء إلى العنف والالتزام بخيار "المقاومة الشعبية" التي دعا إلى تصعيدها.
وأكد عزمه تقديم دعاوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية التي تدخل العضوية الفلسطينية فيها مطلع أبريل المقبل، مشيرا إلى أنه رفض عرضا بوقف هذا التوجه مقابل إفراج إسرائيل عن الأموال الفلسطينية.
وأشار عباس، إلى أن الحكومة الفلسطينية تجبر على الاستدانة من القروض المحلية للشهر الثالث على التوالي للتعامل مع أزمة حجز أموال الضرائب، علما أنها صرفت 60 في المائة لرواتب موظفيها عن كل شهر من الأشهر الثلاثة الماضية.
ووفقا لاتفاقيات أوسلو 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تجمع إسرائيل الضرائب للفلسطينيين مقابل استقطاع نسبة 3 في المائة وتحولها بعد ذلك إلى وزارة المالية الفلسطينية وتقدر بأكثر من مليار دولار سنويا.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل بعد أن استمرت لمدة تسعة أشهر بوساطة أمريكية في نهاية مارس الماضي من دون إحراز أي تقدم لحل الصراع الممتد منذ عدة عقود.
والمجلس المركزي هو من أصدر قرار إنشاء السلطة الفلسطينية في دورته التي عقدت في ديسمبر عام 1993 في تونس، وكان يفترض أن تستمر بموجب اتفاقية (أوسلو) مدة خمسة أعوام كمرحلة انتقالية.
وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون في افتتاح جلسة المجلس المركزي، إن اجتماعات المجلس "يجب أن تتحول إلى ورشة عمل تناقش الأزمة الحالية بعمق وتتخذ القرارات والآليات اللازمة لحلها".
وأضاف الزعنون "أننا بتنا ندور في حلقة مفرغة يستغلها الاحتلال لصالحة عبر فرض الحقائق على الأرض"، داعيا إلى تشكيل لجان لمراجعة وترسيم العلاقات السياسة والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل.
لكن الزعنون حذر في الوقت ذاته من أي دعوات تنادي بحل السلطة الفلسطينية "لأنها القاعدة التي تقوم عليها الدولة لأنها سلاح ذو حدين".
وسبق أن قال مسؤولون فلسطينيون، إن القيادة الفلسطينية تعرضت لضغوط أمريكية وأوروبية مؤخرا لحثها على عدم اتخاذ قرارات حاسمة مع إسرائيل قبيل انتخاباتها البرلمانية المقررة بعد أسبوعين.
وبهذا الصدد رأى عضو المجلس المركزي والدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن على المجلس المركزي "الهدوء والتعقل وتغليب منطق الحسابات على منطق الشعارات".
وشدد عمرو، على وجوب التروي فلسطينيا "قبل اتخاذ أي قرار نحاسب عليه إقليميا ودوليا" مع ضرورة التدقيق في المناخ المهيمن على المنطقة بأسرها "حتى لا تكون قراراتنا غير المدروسة بمثابة قفز إلى المجهول".
واعتبر عمرو، أن الوضع الفلسطيني الداخلي "يقترب من كل النواحي من المأساوي، وفي حالة من هذا النوع نحتاج إلى أقصى ما نستطيع من الهدوء والحكمة والحسابات الدقيقة".
ويعاني الفلسطينيون من ضعف حاد في موقفهم في ظل الفشل المتكرر للرعاية الأمريكية لعملية السلام مع إسرائيل من جهة، وانقسامهم الداخلي منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة منتصف عام 2007 من جهة أخرى.
وبهذا الصدد أعلن عباس أمام المجلس المركزي، أنه جاهز فورا لإصدار مرسوم لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية عامة في حال سلمت حماس موافقتها الرسمية على ذلك للجنة الانتخابات المركزية.
وردت حماس على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري بالتأكيد أنها "ملتزمة بإجراء الانتخابات في سياق تنفيذ اتفاق المصالحة".
وقال أبو زهري في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، إن "عباس هو الذي يعطل إجراء الانتخابات، لافتا إلى أن اتفاق الشاطئ (للمصالحة في أبريل الماضي) نص على أن يصدر عباس مع مرسوم تشكيل الحكومة مرسوما آخر حول تحديد موعد الانتخابات لكنه لم يلتزم بذلك ولم ينفذ أيا من بنود اتفاق المصالحة".
واعتبر أبو زهري، أنه "من المستهجن مطالبة حماس بورقة رسمية رغم وضوح اتفاق الشاطئ الذي لم يلتزم به عباس أصلا كما يجزم أن الجدية لا زالت غير متوفرة لدى عباس لتنفيذ اتفاق المصالحة ولا إجراء الانتخابات".
وآخر انتخابات تشريعية فلسطينية جرت في يناير عام 2006 وأسفرت في حينه عن فوز حركة حماس بالأغلبية، فيما كان سبق ذلك بعام آخر انتخابات للرئاسة وفاز فيها عباس في حينه.
وبالتزامن مع بدء اجتماعات المجلس المركزي تظاهر المئات من متضرري الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في صيف العام الماضي لمطالبة المجلس بوضع الأوضاع في القطاع على سلم أولوياته.
ورفع المشاركون في المظاهرة التي انطلقت من ساحة الكتيبة إلى الجندي المجهول وسط مدينة غزة الأعلام الفلسطينية، ولافتات تطالب بحل الأزمات الإنسانية في القطاع ووصولها إلى منعطف "خطير" يهدد الكل الفلسطيني.