بروكسل 21 ديسمبر 2015 (شينخوا) شهد عام 2015 الذكرى ال40 على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والاتحاد الاوروبي، وشهد الطرفان العديد من الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، ويقول الخبراء ان هذا العام فتح صفحة جديدة فى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي.
تعاون مثمر
ووفقا للسفيرة يانغ يان يي، رئيسة البعثة الصينية فى الاتحاد الأوروبي، فى مقالها المنشور مؤخرا فى مجلة (يوروبز وورلد) هذا الخريف، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة ناجحة لبريطانيا تبعها زيارات للصين من جانب المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند، لتصل العلاقات بين الصين واوروبا الى ذروتها.
وأشارت إلى انه فى وقت سابق هذا العام زار رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ فرنسا وبلجيكا. كما شهد هذا العام تنظيم عدة اجتماعات هامة، من بينها قمة الصين-الاتحاد الأوروبي ال17 والحوار الاستراتيجي رفيع المستوى والحوار الاقتصادي والتجاري رفيع المستوى والحوار الشعبي رفيع المستوى.
وقالت فى المقال "سمحت كل هذه الاليات للجانبين التعرف على اتجاه العلاقات والتأكيد على الالتزام بمنظور ايجابي وطويل الاجل واستراتيجي ومنهج عقلاني للتعامل مع العلاقات في حين تجاوز الاختلافات فى النظام الاجتماعي والتقاليد الثقافية والايديولوجية."
وعلاوة على ذلك، خلال القمة فى سوتشو فى 24 و25 نوفمبر، حددت الصين و16 دولة وسط وشرق اوروبا قطاعات الاولوية للتعاون فى الفترة من 2015 الى 2020، لتتراوح من البنية التحتية والمالية والزراعة الى التبادلات الشعبية لتعزيز التعاون والتنسيق بشكل شامل.
وقال تشانغ لي رونغ، دبلوماسي بارز ببعثة الصين للاتحاد الأوروبي "يمكن لدول وسط وشرق اوروبا ان تلعب دورا محوريا فى البنية التحتية والارتباطية وكذا التعاون فى قدرات الانتاج من خلال اطلاق العنان للاستفادة من مواقعها الجغرافية التى تربط اسيا واوروبا، ومن ثم الاسهام فى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد."
وأوضح ان هذا العام توصلت الصين والاتحاد الى توافق بشأن الدمج بين مبادرة "الحزام والطريق" واستراتيجية التنمية والتعاون العالمي فى قدرات الانتاج وخطة يونكر للاتحاد الأوروبي وكذا التعاون بين الصين ودول وسط وشرق اوروبا والتعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وفى 2014، تجاوز حجم التجارة بين الصين ودول وسط وشرق اوروبا 60 مليار دولار امريكي، بزيادة نحو 50 بالمئة مقارنة بعام 2010. وتجاوزت الاستثمارات الصينية المباشرة فى دول وسط وشرق اوروبا 5 مليارات دولار امريكي، ما وفر عددا كبيرا من فرص العمل وفرص التنمية للسكان المحليين.
وبعد الجولة الثامنة من مفاوضات معاهدة الاستثمار الثنائية بين الصين والاتحاد التى عقدت فى بروكسل بين 30 نوفمبر و4 ديسمبر، حقق الطرفان تقدما كبيرا فى القضية، واتفقا على التأكيد على التوافق فى اقرب وقت ممكن والسعي لتحقيق اهداف المفاوضات التى وضعت فى يونيو الماضي من جانب قادة الطرفين بحلول نهاية هذا العام.
وبداية من يناير 2016، سيعزز الطرفان المفاوضات بشأن النص على اساس نص موحد.
ووفقا للاستاذ بجامعة رنمين وانغ يي وي، فان التنمية الاخيرة للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي تمتعت ببعض المميزات. وحقق الطرفان المزيد والمزيد من التعاون فى تنمية المعايير فى القطاعات الصناعية واستكشاف اسواق اخرى، حيث تميزت اوروبا بتكنولوجيا فائقة وكانت الصين جيدة فى تسويق ثمار التكنولوجيا الفائقة الجديدة.
ومنذ 2004، عزز الاتحاد تجارته مع الصين اكثر من اي اقتصاد اخر. وتعد الصين ثاني اكبر شريك تجاري للاتحاد الاوروبي. وهما اكبر مصدر للواردات لكل من بعضهما البعض.
مزيد من التنسيق على الساحة العالمية
قال وانغ ان الصين والاتحاد الأوروبي عملا بشكل اوثق على اعادة تشكيل النظام العالمي، حيث اصبح المزيد والمزيد من الشعوب الاوروبية يرون الصين على انها شريكة لحل الازمات بدلا من منافسة تعمل ضد المصالح الأوروبية.
وقالت شذى اسلام، مديرة السياسات بمركز بحوث اصدقاء اوروبا ومقره بروكسل، "ان الاعتراف بالصين بصفتها شريكة استراتيجية عالمية واقليمية يتزايد بشكل كبير فى اوروبا."
وأشارت الى ان العلاقات بين الطرفين استمرت، فى ظل تركيز اوروبا على جوارها ومشاكلها المحلية، لانها تعتمد على اسس ضرورية لا غنى عنها.
وأوضحت "ان فرص التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي كبيرة ليست فقط فى الاعمال والاقتصاد ولكن ايضا على الساحة الدولية."
وأضافت ان الصين ستكون رئيسة مجموعة العشرين العام القادم، وستكون مسئولة عن اجندة مجموعة العشرين للتنمية المستدامة والتنمية الخضراء والحوكمة العالمية، ومن ثم هناك فرص ضخمة للمناقشة بين الصين والاتحاد للتعاون والحوار بشأن القضايا العالمية.
فعلى سبيل المثال، خلال زيارة ميركل للصين فى اكتوبر، اشادت ميركل بجهود الصين فى التعامل مع التغير المناخي والتحضير لمؤتمر باريس وتبادلت وجهات النظر بشأن سوريا وازمة اللاجئين مع قادة صينيين.
وأوضح وانغ "لا يستطيع الاتحاد الأوروبي التخلص من الاعتماد على الولايات المتحدة، حتى على المدى القصير، لكن ثقته فى الولايات المتحدة اهتزت"، مضيفا انه فى الوقت نفسه، بدأ الاتحاد التفكير بشأن الاسباب الرئيسية للازمات مثل ازمة اليونان وتدفق اللاجئين.
وقال ان الجانب الاوروبي بدأ يجد انه بعيدا على الاسباب الجذرية للازمات، يمكن الاعتماد على الصين بصفتها شريكة موثوقة لتحقيق النفع المتبادل.
وأشار إلى ان الاتحاد لا يزال يقيم العلاقات التقليدية مع الولايات المتحدة، حيث ان الطرفين بينهما علاقات جذرية اصيلة متبادلة فى الاستثمارات والامن.
وتقول احصاءات الاتحاد الأوروبي ان الاتحاد مع الولايات المتحدة يشكلان اكبر علاقة تجارية واستثمارية ثنائية فى العالم، نحو 31 بالمئة من تجارة العالم واكثر من 49 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي عالميا.
وأوضح "ولكن العلاقات بين الصين والاتحاد تشهد نموا سريعا، ما يعزز التوظيف فى جانب الاتحاد."
وفيما يتعلق بموقف الاتحاد تجاه روسيا، أدركت بعض الشعوب الاوروبية ان الفرد لا يستطيع اختيار جاره، لذلك، تحتاج أوروبا الى البحث عن طريق مناسبة للتعامل مع العلاقات مع روسيا بدلا من اتباع الولايات المتحدة من خلال اتخاذ اجراءات تقييدية.
وتعد روسيا اكبر جارة للاتحاد وثالث اكبر شريكة تجارية للاتحاد. وتمثل امدادات النفط والغاز نسبة كبيرة من واردات الدولة لاوروبا.
وقال رونالد فوجت، استاذ مساعد فى السياسة الاوروبية بجامعة هونج كونج، "لا توجد نزاعات استراتيجية وامنية واقليمية رئيسية فى العلاقات، وانه يمكن تعزيز التعاون بشكل سهل فى المجالات التقنية."
"بالتطلع الى 2016، لدينا كل سبب للايمان بان اطلاق الخطة الخمسية ال13 واستمرار تكامل الاتحاد الأوروبي سيمكنان الطرفين من التوصل الى مزيد من الربط بين استراتيجيات التنمية الخاصة بالطرفين"، وفقا لما قالت السفيرة يانغ فى مقالها حول مستقبل العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.